للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبو بكر وعمر فجلس عليه ودعا بالبركة ثمّ قال: «ادع غرماءك فأوفهم «١» » . فما تركت أحدا له على أبي دين إلّا قضيته، وفضل ثلاثة عشر وسقا: سبعة عجوة وستّة لون «٢» ، أو ستّة عجوة وسبعة لون. فوافيت مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم المغرب فذكرت ذلك له فضحك فقال: «ائت أبا بكر وعمر فأخبرهما» فقالا: لقد علمنا- إذ صنع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ما صنع- أن سيكون ذلك) * «٣» .

١٦-* (عن سهل بن سعد- رضي الله عنه- أنّ أهل قباء اقتتلوا حتّى تراموا بالحجارة، فأخبر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بذلك، فقال: «اذهبوا بنا نصلح بينهم» ) * «٤» .

[من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في (الإصلاح)]

١-* (روي أنّ ابن أبي عذرة الدّؤليّ- وكان في خلافة عمر- رضي الله عنه- كان يخلع النّساء اللّاتي يتزوّج بهنّ، فطارت له في النّاس من ذلك أحدوثة يكرهها، فلمّا علم بذلك أخذ بيد عبد الله بن الأرقم حتّى أتى به إلى منزله، ثمّ قال لامرأته: أنشدك بالله هل تبغضينني؟ قالت: لا تنشدني، قال: فإنّي أنشدك الله، قالت: نعم. فقال لابن الأرقم: أتسمع؟

ثمّ انطلقا حتّى أتيا عمر- رضي الله عنه- فقال:

إنّكم لتحدّثون أنّي أظلم النّساء وأخلعهنّ فاسأل ابن الأرقم. فسأله فأخبره، فأرسل إلى امرأة ابن أبي عذرة فجاءت هي وعمّتها، فقال: أنت الّتي تحدّثين لزوجك أنّك تبغضينه؟ فقالت: إنّي أوّل من تاب وراجع أمر الله تعالى. إنّه ناشدني فتحرّجت أن أكذب.

أفأكذب يا أمير المؤمنين؟ قال: نعم. فاكذبي، فإن كان إحداكنّ لا تحبّ أحدنا فلا تحدّثه بذلك؛ فإنّ أقلّ البيوت الّذي بني على الحبّ ولكنّ النّاس يتعاشرون بالإسلام والأحساب» ) * «٥» .

٢-* (قال ابن شهاب: ولم أسمع يرخّص في شيء ممّا يقول النّاس كذب إلّا في ثلاث: الحرب، والإصلاح بين النّاس، وحديث الرّجل امرأته وحديث المرأة زوجها» ) * «٦» .

٣-* (قال ابن بابويه: «إنّ الله- عزّ وجلّ- أحبّ الكذب في الإصلاح، وأبغض الصّدق في الفساد» ) *» .

٤-* (يقول ابن القيّم- رحمه الله-: «فالصّلح الجائز بين المسلمين هو الّذي يعتمد فيه رضا الله سبحانه ورضا الخصمين، فهذا أعدل الصّلح وأحقّه، وهو يعتمد العلم والعدل، فيكون المصلح عالما


(١) فأوفهم: أي أعطهم وأوسع عليهم.
(٢) اللون: ماعدا العجوة، وقيل: هو الدقل وهو الرديء، وقيل: اللون اللين واللينة، وقيل: الأخلاط من التمر
(٣) البخاري- الفتح ٥ (٢٧٠٩) .
(٤) البخاري- الفتح ٥ (٢٦٩٣) .
(٥) إحياء علوم الدين (٣/ ١٣٨) .
(٦) البخاري- الفتح ٥ (٣٥٣) .
(٧) منهاج الصالحين للبليق (٤٢٠) .