للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

محبّته، والخضوع له، والإقبال عليه، والإعراض عمّا سواه. فلا يستحقّ اسم «المنيب» إلّا من اجتمعت فيه هذه الأربع. وتفسير السّلف لهذه اللّفظة يدور على ذلك «١» .

[منزلة الإنابة:]

قال ابن القيّم- رحمه الله تعالى-: «من نزل في منزل التّوبة، وقام في مقامها نزل في جميع منازل الإسلام، فإذا استقرّت قدمه في منزل التّوبة نزل بعده في منزل الإنابة، وقد أمر الله تعالى بها في كتابه، وأثنى على خليله بها، فقال: وَأَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ (الزمر/ ٥٤) وقال: إِنَّ إِبْراهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ (هود/ ٧٥) . وأخبر أنّ آياته إنّما يتبصّر بها ويتذكّر، أهل الإنابة. فقال: أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّماءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْناها وَزَيَّنَّاها إلى أن قال تَبْصِرَةً وَذِكْرى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ (ق/ ٦- ٧) .

وقال تعالى: هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آياتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ رِزْقاً وَما يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَنْ يُنِيبُ (غافر/ ٣١) ، كما أخبر تعالى أنّ ثوابه وجنّته لأهل الخشية والإنابة. فقال: وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ* هذا ما تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ* مَنْ خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ وَجاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ* ادْخُلُوها بِسَلامٍ (ق/ ٣١- ٣٤) ، وأخبر سبحانه أنّ البشرى منه، إنّما هي لأهل الإنابة فقال: وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوها وَأَنابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرى (الزمر/ ١٧) «٢» .

[للاستزادة انظر صفات: الإخبات- التوبة الخشوع- الخشية- الدعاء- الضراعة والتضرع- القنوت.

وفي ضد ذلك، انظر صفات: الإعراض- الإصرار على الذنب- الغفلة- الكبر والعجب- الغفلة] .


(١) مدارج السالكين لابن القيم (١/ ٤٦٧) بتصرف.
(٢) المرجع السابق (١/ ٤٤٦، ٤٦٧) .