للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فتسأل أمّته: هل بلّغكم؟ فيقولون: ما جاءنا من نذير. فيقول: من شهودك؟ فيقول: محمّد وأمّته، فيجاء بكم تشهدون» ، ثمّ قرأ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً- قال: عدلا- لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً) * «١» .

٨-* (عن أبي موسى رضي الله عنه- قال:

قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «مثلي ومثل ما بعثني الله كمثل رجل أتى قوما فقال: رأيت الجيش بعيني، وإنّي أنا النّذير العريان «٢» ، فالنّجاء النّجاء، فأطاعته طائفة فأدلجوا على مهلهم فنجوا، وكذّبته طائفة فصبّحهم الجيش فاجتاحهم» ) * «٣» .

٩-* (عن أبي سعيد الخدريّ- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «يؤتى بالموت كهيئة كبش أملح فينادي مناد، يا أهل الجنّة، فيشرئبّون وينظرون، فيقول: هل تعرفون هذا؟ فيقولون: نعم، هذا الموت.

وكلّهم قد رآه، ثمّ ينادي: يا أهل النّار، فيشرئبّون وينظرون، فيقول: هل تعرفون هذا؟ فيقولون: نعم، هذا الموت. وكلّهم قد رآه، فيذبح، ثمّ يقول: يا أهل الجنّة، خلود فلا موت، ويا أهل النّار، خلود فلا موت، ثمّ قرأ وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ- وهؤلاء في غفلة أهل الدّنيا- وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ» ) * «٤» .

١٠-* (عن المغيرة بن شعبة- رضي الله عنه- قال: قال سعد بن عبادة- رضي الله عنه-:

لو رأيت رجلا مع امرأتي لضربته بالسّيف غير مصفح عنه «٥» ، فبلغ ذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال:

«أتعجبون من غيرة سعد؟ فو الله لأنا أغير منه، والله أغير منّي، ومن أجل غيرة الله حرّم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، ولا شخص أغير من الله «٦» ، ولا شخص أحبّ إليه العذر من الله «٧» ، من أجل ذلك بعث الله المرسلين مبشّرين ومنذرين، ولا شخص أحبّ إليه المدحة «٨» من الله، من أجل ذلك وعد الله الجنّة «٩» » ) * «١٠» .


(١) البخاري- الفتح ١٣ (٧٣٤٩) .
(٢) (النذير العريان) قال العلماء: أصله أن الرجل إذا أراد إنذار قومه وإعلامهم بما يوجب المخافة نزع ثوبه وأشار به إليهم إذا كان بعيدا منهم ليخبرهم بما دهمهم، وأكثر ما يفعل ذلك ربيئة القوم، وهو طليعتهم ورقيبهم، وقال ابن بطال: النذير العريان رجل من خثعم حمل عليه رجل يوم ذي الخلصة فقطع يده ويد امرأته فانصرف الى قومه فحذرهم، فضرب به المثل في تحقيق الخبر.. راجع: الفتح (١١/ ٣٢٣) .
(٣) البخاري- الفتح (١١/ ٣٢٢، ٣٢٣) واللفظ له. ومسلم (٢٢٨٣) .
(٤) البخاري- الفتح ٨ (٤٧٣٠) واللفظ له، ومسلم (٢٨٤٩) .
(٥) غير مصفح:- بكسر الفاء وفتحها. أما على الكسر فمعناه: غير ضارب بصفح السيف وإنما بحده، وأما بالفتح فعلى أنها وصف للسيف وحال منه. ومن كسر جعلها وصفا للضارب وحالا منه.
(٦) ولا شخص أغير من الله: أي لا أحد. وقيل: لا شخص- استعارة- وقيل: معناه لا ينبغي لشخص أن يكون أغير من الله تعالى ولا يتصور ذلك منه.
(٧) ولا شخص أحب إليه العذر من الله، أي ليس أحد أحب إليه الإعذار من الله تعالى، فالعذر بمعنى الإعذار والإنذار قبل أخذهم بالعقوبة، ولهذا بعث المرسلين.
(٨) المدحة: أي المدح.
(٩) من أجل ذلك وعد الله الجنة: أي لما وعدها ورغب فيها كثر سؤال العباد إياها منه والثناء عليه.
(١٠) البخاري- الفتح ١٣ (٧٤١) . ومسلم (١٤٩٩) واللفظ له.