للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جعل حوائج الناس إليه فتبرم فقد عرض تلك النعم للزوال» «١» .

٤- الخطوة الرابعة: أن يلتزم بالطاعة والعبادة وإخلاص الوجه لله تعالى،

وسائر الأعمال الصالحة لقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ «٢» ، وأن لا يأمن مكر الله لقوله تعالى:

أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ «٣» ، إن الأمن من مكر الله يدل على ضعف الإيمان فلا يبالي صاحبه بما ترك من الواجبات، وفعل من المحرمات، لعدم خوفه من الله بما فعل أو ترك، وهذا من أعظم الذنوب، وأجمعها للعيوب، ومعنى الآية أن الله تبارك وتعالى لما ذكر حال أهل القرى المكذبين للرسل، بين أن الذي حملهم على ذلك هو الأمن من مكر الله وعدم الخوف منه، وذلك أنهم أمنوا مكر الله لما استدرجهم بالسراء والنعم فاستبعدوا أن يكون ذلك مكرا، قال الحسن: من وسع عليه فلم ير أنه يمكر به فلا رأي له، وقال قتادة: بغت القوم أمر الله ما أخذ قوم قط إلا عند سلوتهم وغرّتهم فلا تغترّوا بالله «٤» .

٥- الخطوة الخامسة: الابتعاد عن تلك الذنوب التي تسمى بالذنوب الملكية

من نحو الجبروت والتكبّر والعظمة والقهر والاستعلاء في الأرض، وذلك كما حدث من فرعون وغيره من الجبابرة الذين طغوا في الأرض وعتوا عن أمر ربهم، ويتبع ذلك البعد عن الغرور وحب الثناء واستعباد الخلق وظلمهم واحتقار الفقراء والسخرية منهم ونحو ذلك «٥» . وباختصار فإن عليه التخلي عن النظرة الفوقية واعتقاد أنه أعلى من الناس وأنهم دونه، وأن يتذكّر دائما أن فقير اليوم قد يصبح غني الغد وأن الأيام دولة بين الناس، مصداقا لقوله تعالى: وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ «٦» .

إن على الإنسان المبتلى بالسراء أن يتذكر قدرة الله عزّ وجلّ على تغيير الأحوال في لمح البصر، وأن يعي معنى قول الله تعالى: حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها أَتاها أَمْرُنا لَيْلًا أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ «٧» ، فإذا لم يجد ذلك نفعا وأحس بطغيان المال فعليه أن يتذكر ضعفه وأنه يوما راجع إلى ربه، قال تعالى: كَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى * إِنَّ إِلى رَبِّكَ الرُّجْعى «٨» ، وعليه أن يعلم أن هذا الرزق إنما هو على حسب مشيئة الله تعالى وهو أعلم بأحوال عباده وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ ما يَشاءُ إِنَّهُ بِعِبادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ «٩» ، وعلى صاحب المال ألا يبالغ في الفرح به، لأن ذلك الفرح يؤدي به إلى البطر والترف كما أنه يؤذي الفقراء والمحرومين ويؤدي بالإنسان إلى الاستهتار بالنعمة وترك الحيطة لصروف الزمان «١٠» ، أما الفرح الحقيقي فينبغي أن


(١) ذكره المنذري في الترغيب والترهيب (٣/ ٣٩١) ، وقال: رواه الطبراني بإسناد جيد.
(٢) البينة/ ٧.
(٣) الأعراف/ ٩٩.
(٤) التوحيد وقرة عيون الموحدين، ص ٣٧٤.
(٥) انظر في أنواع الذنوب، ومنها الذنوب الملكية، صفة العصيان (من هذه الموسوعة) .
(٦) آل عمران/ ١٤٠.
(٧) يونس/ ٢٤.
(٨) العلق/ ٦- ٨.
(٩) الشورى/ ٢٧.
(١٠) بتصرف يسير عن: روح الدين الإسلامي (١٧٢) .