للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى كيفية التصرف الصحيح في تلك الأموال بقوله: وَابْتَغِ فِيما آتاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا وَأَحْسِنْ كَما أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ «١» .

[ثالثا: تعامل المسلم المبتلى بالمعاصي:]

إذا ابتلي المسلم بارتكاب المعاصي أيّا كان نوعها «٢» ، فإن عليه القيام بالخطوات الآتية:

١- الحياء من الله عز وجل والعفة عن محارمه:

على المبتلى بالمعصية أن يتيقّن بأن هذه الدنيا وما فيها من ملذات هي بالقطع إلى زوال. يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ «٣» .

وأن الإنسان لا ينفعه يوم القيامة سوى أن يأتي الله بقلب سليم، قال تعالى في وصف هذا اليوم: يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ* إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ «٤» ، ولا تتم سلامة القلب حتى يسلم من خمسة أشياء: من شرك يناقض التوحيد، وبدعة تخالف السنة، وشهوة تخالف الأمر، وغفلة تناقض الذكر، وهوى نفس يناقض التجرد من شهوات الدنيا، وهذه الخمسة حجب عن الله تعالى لا بد للمسلم من التخلص منها بالاستعانة بالله- عز وجل- «٥» .

٢- استحضار العقوبة (الخوف- الخشية- الرهبة) :

على العاصي أن يضع نصب عينيه أنه لن يفلت من العقاب، وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما باطِلًا ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ* أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ «٦» ، ويقول سبحانه: أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَواءً مَحْياهُمْ وَمَماتُهُمْ ساءَ ما يَحْكُمُونَ* وَخَلَقَ اللَّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ

«٧» ، وأن هذا العقاب قد يعاجله في الدنيا فتكون معيشته ضنكا وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى «٨» ، ويرسل عليه أنواعا أخرى من الهموم والبلايا ما يجعله في نكد دائم وحزن مستمر، قال تعالى: كَذلِكَ نَبْلُوهُمْ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ «٩» . إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذابُ الْحَرِيقِ «١٠» . وإذا أفلت العاصي من عقاب الدنيا فإن عذاب الآخرة أشق، قال تعالى: لَهُمْ عَذابٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَشَقُّ وَما لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ واقٍ

«١١» .

وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى «١٢» . وقال عز من قائل: وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ «١٣» . وهذه تشمل الدور الثلاثة الدنيا والبرزخ والآخرة «١٤» .


(١) القصص/ ٧٧.
(٢) انظر أنواع المعاصي في صفة «العصيان» من هذه الموسوعة.
(٣) فاطر/ ٥.
(٤) الشعراء/ ٨٨- ٨٩.
(٥) الداء والدواء لابن القيم (٢١٩) .
(٦) ص/ ٢٧- ٢٨.
(٧) الجاثية/ ٢١- ٢٢.
(٨) طه/ ١٢٤.
(٩) الأعراف/ ١٦٣.
(١٠) البروج/ ١٠.
(١١) الرعد/ ٣٤.
(١٢) النازعات/ ٤٠- ٤١.
(١٣) الانفطار/ ١٤.
(١٤) الداء والدواء ص ٢١٨.