للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المسجد، وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيّب. قال أنس: فلمّا أنزلت هذه الاية لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ (آل عمران/ ٩٢) قام أبو طلحة إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: يا رسول الله، إنّ الله تبارك وتعالى يقول: لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وإنّ أحبّ أموالي إليّ بيرحاء «١» ، وإنّها صدقة لله أرجو برّها وذخرها عند الله، فضعها يا رسول الله حيث أراك الله، قال: فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «بخ، ذلك مال رابح، ذلك مال رابح وقد سمعت ما قلت وإنّي أرى أن تجعلها في الأقربين» . فقال أبو طلحة:

أفعل يا رسول الله فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمّه) * «٢» .

١٢-* (عن ابن عمر- رضي الله عنهما- أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان إذا استوى على بعيره خارجا إلى سفر. كبّر ثلاثا ثمّ قال: «سبحان الّذي سخّر لنا هذا وما كنّا له مقرنين «٣» * وإنّا إلى ربّنا لمنقلبون. اللهمّ إنّا نسألك في سفرنا هذا البرّ والتّقوى ومن العمل ما ترضى، اللهمّ هوّن علينا سفرنا هذا واطو عنّا بعده.

اللهمّ أنت الصّاحب في السّفر والخليفة في الأهل.

اللهمّ إنّي أعوذ بك من وعثاء «٤» السّفر وكابة «٥» المنظر، وسوء المنقلب «٦» في المال والأهل» . وإذا رجع قالهنّ وزاد فيهنّ «آيبون، تائبون، عابدون، لربّنا حامدون» ) * «٧» .

١٣-* (عن ثوبان- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لا يزيد في العمر إلّا البرّ، ولا يردّ القدر إلّا الدّعاء، وإنّ الرّجل ليحرم الرّزق بخطيئة يعملها» ) * «٨» .

١٤-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال:

قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من استلجّ «٩» في أهله بيمين فهو أعظم إثما، ليبرّ» يعني الكفّارة) * «١٠» .

١٥-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال:

قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من خرج من الطّاعة، وفارق الجماعة، فمات، مات ميتة جاهليّة «١١» . ومن قاتل تحت راية عمّيّة «١٢» ، يغضب لعصبة «١٣» ، أو يدعو إلى


(١) بيرحاء: موضع بالمدينة.
(٢) البخاري- الفتح ٣ (١٤٦١) واللفظ له، ومسلم (٩٩٨) .
(٣) وما كنا له مقرنين: معنى مقرنين: أي ما كنا نطيق قهره واستعماله لولا تسخير الله تعالى إياه لنا.
(٤) وعثاء: المشقة والشدة.
(٥) وكابة: هي تغير النفس من حزن ونحوه.
(٦) المنقلب: المرجع.
(٧) مسلم (١٣٤٢) .
(٨) الترمذي (٢١٣٩) وقال: حديث حسن غريب. وابن ماجة (٩٠) وحسنه الألباني، صحيح ابن ماجة (٧٣) . والحاكم في المستدرك (١/ ٤٩٣) وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي. وصحّح محقق «جامع الأصول» (٩/ ٥١٢) لفظ الترمذي منه.
(٩) استلج في أهله بيمين: استلج بمعنى استفعل من اللجاج، وهو التمادي في الأمر، فمن حلف على شيء ورأى أن غيره خير منه فيقيم على يمينه ولا يحنث فهو آثم، وهو إذا حنث يحصل له البر بأداء الكفارة عن اليمين الذي حلفه.
(١٠) البخاري- الفتح ١١ (٦٦٢٦) .
(١١) ميتة جاهلية: أي على صفة موتهم من حيث هم فوضى لا إمام لهم.
(١٢) عمية: هي الأمر الأعمى الذي لا يستبين وجهه.
(١٣) العصبة: عصبة الرجل أقاربه من جهة الأب. والمعنى: يغضب ويقاتل ويدعو غيره. لا لنصرة الدين بل لمحض التعصب لقومه ولهواه.