للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

انكسفت الشمس على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى الصّلاة، وقام الّذين معه فقام قياما فأطال القيام ثمّ ركع فأطال الرّكوع، ثمّ رفع رأسه، وسجد فأطال السّجود، ثمّ رفع رأسه وجلس فأطال الجلوس، ثمّ سجد فأطال السّجود، ثمّ رفع رأسه وقام، فصنع في الرّكعة الثّانية مثل ما صنع في الرّكعة الأولى من القيام والرّكوع والسّجود والجلوس فجعل ينفخ في آخر سجوده من الرّكعة الثّانية ويبكي ويقول:

«لم تعدني هذا وأنا فيهم، لم تعدني هذا ونحن نستغفرك «١» ثمّ رفع رأسه وانجلت الشّمس» . فقام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فخطب النّاس فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال: «إنّ

الشّمس والقمر آيتان من آيات الله عزّ وجلّ فإذا رأيتم كسوف أحدهما فاسعوا إلى ذكر الله- عزّ وجلّ- والّذي نفس محمّد بيده لقد أدنيت الجنّة منّي حتّى لو بسطت يدي لتعاطيت من قطوفها ولقد أدنيت النّار منّي حتّى لقد جعلت أتّقيها خشية أن تغشاكم، حتّى رأيت فيها امرأة من حمير تعذّب في هرّة، ربطتها فلم تدعها تأكل من خشاش الأرض «٢» فلا هي أطعمتها ولا هي سقتها حتّى ماتت فلقد رأيتها تنهشها إذا أقبلت، وإذا ولّت تنهش أليتها وحتّى رأيت فيها صاحب السّبتيّتين أخا بني الدّعداع يدفع بعصا ذات شعبتين في النّار، وحتّى رأيت فيها صاحب المحجن «٣» الّذي كان يسرق الحاجّ بمحجنه متّكئا على محجنه في النّار يقول: أنا سارق المحجن» ) * «٤» .

١٢-* (عن أنس بن مالك- رضي الله عنه- قال: دخلنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على أبي سيف القين وكان ظئرا «٥» لإبراهيم عليه السلام فأخذ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إبراهيم فقبّله وشمّه. ثمّ دخلنا عليه بعد ذلك وإبراهيم يجود بنفسه فجعلت عينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم تذرفان. فقال له عبد الرّحمن بن عوف- رضي الله عنه-: وأنت يا رسول الله؟ فقال: «يا ابن عوف إنّها رحمة» . ثمّ أتبعها بأخرى فقال صلّى الله عليه وسلّم «إنّ العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلّا ما يرضي ربّنا، وإنّا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون» ) * «٦» .

١٣-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: زار النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قبر أمّه. فبكى وأبكى من حوله فقال: «استأذنت ربّي في أن أستغفر لها فلم يؤذن لي.

واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي. فزوروا القبور.

فإنّها تذكّر الموت» ) * «٧» .

١٤-* (عن أنس- رضي الله عنه- قال:

شهدنا بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم جالس


(١) أي في قوله تعالى: وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (الأنفال/ ٣٣) .
(٢) خشاش الأرض: حشراتها وتفسيرها بالنبات غلط (فتح الباري/ المقدمة ١١٧) .
(٣) المحجن: خشبة في طرفها اعوجاج، وكل عود معطوف الرأس. والسّبتيّتان: النعلان. انظر «جامع الأصول» (٦/ ١٨١) .
(٤) النسائي (٣/ ١٣٧- ١٣٩) ، وقال الألباني: صحيح، وصحيح سنن النسائي (١/ ١٤٠١) ، وأبو داود (١١٩٤) وبعضه في الصحيحين. وانظر «جامع الأصول» (٦/ ١٨١) .
(٥) الظئر: المرضع غير ولدها والمراد به هنا زوج مرضعة إبراهيم.
(٦) البخاري- الفتح ٣ (١٣٠٣) . ومسلم (٢٣١٥) .
(٧) مسلم (٩٧٦) .