للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قطّ، لا نسمع له صوتا، ثمّ ركع كأطول ما ركع بنا في صلاة قطّ، لا نسمع له صوتا، ثمّ فعل في الرّكعة الثّانية مثل ذلك فوافق تجلّي الشّمس جلوسه في الرّكعة الثّانية، قال زهير: حسبته قال: فسلّم، فحمد الله وأثنى عليه وشهد أنّه عبد الله ورسوله، ثمّ قال: أيّها النّاس: أنشدكم بالله إن كنتم تعلمون أنّي قصّرت عن شيء من تبليغ رسالات ربّي- عزّ وجلّ- لمّا أخبرتموني ذاك، فبلّغت رسالات ربّي كما ينبغي لها أن تبلّغ، وإن كنتم تعلمون أنّي بلّغت رسالات ربّي لمّا أخبرتموني ذاك. قال: فقام رجال فقالوا: نشهد أنّك قد بلّغت رسالات ربّك ونصحت لأمّتك وقضيت الّذي عليك. ثمّ سكتوا، ثمّ قال: أمّا بعد؛ فإنّ رجالا يزعمون أنّ كسوف هذه الشّمس وكسوف هذا القمر وزوال هذه النّجوم عن مطالعها لموت رجال عظماء من أهل الأرض، وأنّهم قد كذبوا، ولكنّها آيات من آيات الله- تبارك وتعالى- يعتبر بها عباده فينظر من يحدث له منهم توبة، وأيم الله لقد رأيت منذ قمت أصلّي ما أنتم لاقون في أمر دنياكم وآخرتكم، وإنّه والله لا تقوم السّاعة حتّى يخرج ثلاثون كذّابا آخرهم الأعور الدّجّال ... الحديث» ) * «١» .

٢٩-* (عن ابن عبّاس قال: «لم أزل حريصا أن أسأل عمر عن المرأتين من أزواج النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم اللّتين قال الله: إِنْ تَتُوبا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما حتّى حجّ عمر وحججت معه فصببت عليه من الإداوة فتوضّأ، فقلت: يا أمير المؤمنين، من المرأتان من أزواج النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم اللّتان قال الله: إِنْ تَتُوبا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما؟ فقال لي: وا عجبا لك يا ابن عبّاس.

قال الزّهريّ: وكره والله ما سأله عنه ولم يكتمه. فقال لي: هي عائشة وحفصة ... الحديث ... وكان أقسم ألّا يدخل على نسائه شهرا، فعاتبه الله في ذلك فجعل له كفّارة اليمين. قال الزّهريّ فأخبرني عروة عن عائشة قالت: فلمّا مضت تسع وعشرون دخل عليّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بدأ بي- قال يا عائشة إنّي ذاكر لك شيئا فلا تعجلي حتّى تستأمري أبويك، قالت: ثمّ قرأ هذه الاية يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ ... * الاية قالت: علم والله أنّ أبويّ لم يكونا يأمراني بفراقه، قالت: فقلت: أفي هذا أستأمر أبويّ؟ فإنّي أريد الله ورسوله والدّار الاخرة.

قال: معمر: فأخبرني أيّوب أنّ عائشة قالت له:

يا رسول الله؛ لا تخبر أزواجك أنّي اخترتك، فقال:

النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم «إنّما بعثني الله مبلّغا ولم يبعثني متعنّتا» ) * «٢» .

٣٠-* (عن عبد الله بن مسعود قال: إيّاكم أن تقولوا مات فلان شهيدا، أو قتل فلان شهيدا، فإنّ الرّجل يقاتل ليغنم، ويقاتل ليذكر ويقاتل ليرى مكانه، فإن كنتم شاهدين لا محالة فاشهدوا للرّهط الّذين بعثهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في سريّة فقتلوا، فقالوا:


(١) أحمد (٥/ ١٦) ط. دار الفكر. وعند مسلم مختصرا (٩١٣) .
(٢) البخاري- الفتح (٨/ ٥٠٣ و٥٠٤) في تفسير سورة التحريم، ومسلم رقم (١٤٧٩) في الطلاق. وهذا لفظه. والترمذي برقم (٣٣٧٤) وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب قد روي من غير وجه عن ابن عباس- رضي الله عنهما-.