للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الأحاديث الواردة في (التبين)]

١-* (عن أمّ سلمة- رضي الله عنها- قالت: بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم رجلا في صدقات بني المصطلق بعد الوقيعة، فسمع بذلك القوم فتلقّوه يعظّمون أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قالت: فحدّثه الشّيطان أنّهم يريدون قتله، قالت: فرجع إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: إنّ بني المصطلق قد منعوني صدقاتهم، فغضب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم والمسلمون، قالت: فبلغ القوم رجوعه، فأتوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فصفّوا له حين صلّى الظّهر فقالوا: نعوذ بالله من سخط الله وسخط رسوله بعثت إلينا رجلا مصّدّقا «١» فسررنا بذلك وقرّت به أعيننا، ثمّ إنّه رجع من بعض الطّريق فخشينا أن يكون ذلك غضبا من الله تعالى ومن رسوله صلّى الله عليه وسلّم، فلم يزالوا يكلّمونه حتّى جاء بلال فأذّن بصلاة العصر، قالت: ونزلت: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ (الحجرات/ ٦) .

وروى ابن جرير أيضا من طريق العوفيّ عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما- في هذه الاية قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعث الوليد بن عقبة بن أبي معيط إلى بني المصطلق ليأخذ منهم الصّدقات وأنّهم لمّا أتاهم الخبر فرحوا وخرجوا يتلقّون رسول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وأنّه لمّا حدّث الوليد أنّهم خرجوا يتلقّونه رجع الوليد إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: يا رسول الله إنّ بني المصطلق قد منعوا الصّدقة، فغضب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من ذلك غضبا شديدا، فبينا هو يحدّث نفسه أن يغزوهم إذ أتاه الوفد، فقالوا: يا رسول الله إنّا حدّثنا أنّ رسولك رجع من نصف الطّريق، وإنّا خشينا أنّما ردّه كتاب جاء منك غضب غضبته علينا، وإنّا نعوذ بالله من غضبه وغضب رسوله، وإنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم استغشّهم «٢» وهمّ بهم فأنزل الله تبارك وتعالى عذرهم في الكتاب فقال:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا إلى آخر الاية. وقال مجاهد وقتادة: أرسل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الوليد بن عقبة إلى بني المصطلق ليصّدّقهم فتلقّوه بالصّدقة فرجع فقال: إنّ بني المصطلق قد جمعت لك لتقاتلك. زاد قتادة: وأنّهم قد ارتدّوا عن الإسلام.

فبعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خالد بن الوليد- رضي الله عنه- وأمره أن يتثبّت ولا يعجل فانطلق حتّى أتاهم ليلا فبعث عيونه فلمّا جاءوا أخبروا خالدا- رضي الله عنه- أنّهم مستمسكون بالإسلام وسمعوا أذانهم وصلاتهم، فلمّا أصبحوا أتاهم خالد- رضي الله عنه- فرأى الّذي يعجبه فرجع إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأخبره الخبر، فأنزل الله تعالى هذه الاية. قال قتادة فكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول:

«التثبّت من الله والعجلة من الشيطان» ) * «٣» .

٢-* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما-


(١) المصّدّق هنا الذي يأخذ صدقات الغنم، وقد يأتي بمعنى الذي يصدقك في حديثك. الصحاح (٤/ ١٥٠٥) .
(٢) استغشّهم من «الغشّ» ضد استنصحهم، والمراد أنه ظن بهم الغشّ، انظر اللسان (غشش) (ص ٣٢٦٠) ط، دار المعارف.
(٣) تفسير ابن كثير (٤/ ٢١٠، ٢١١) ، وقال الحافظ ابن كثير: أن قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ