للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[التعارف]

/ الآيات/ الأحاديث/ الآثار/

/ ٢/ ١/ ٩/

[التعارف لغة:]

مصدر تعارف القوم أي عرف بعضهم بعضا وهو من مادّة (ع ر ف) الّتي تدلّ على السّكون والطّمأنينة، يقول ابن فارس: العين والرّاء والفاء أصلان صحيحان يدلّ أحدهما على تتابع الشّيء متّصلا بعضه ببعض، والاخر على السّكون والطّمأنينة.. ومن هذا المعرفة والعرفان تقول: عرف فلان فلانا عرفانا ومعرفة وهذا أمر معروف وهذا يدلّ على ما قلناه من سكونه إليه؛ لأنّ من أنكر شيئا توحّش منه ونبا عنه «١» ، والعرفان: العلم، عرفه يعرفه عرفة وعرفانا ومعرفة. وتعارف القوم عرف بعضهم بعضا «٢» .

[التعارف اصطلاحا:]

هو أن يعرف النّاس بعضهم بعضا بحسب انتسابهم جميعا إلى أب واحد وأمّ واحدة ثمّ بحسب الدّين والشّعوب والقبائل، بحيث يكون ذلك مدعاة للشّفقة والألفة والوئام لا إلى التّنافر والعصبيّة «٣» .

[أهمية التعارف في الإسلام:]

قال الشّيخ أبو بكر الجزائريّ في تفسير قوله تعالى: يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا ... :

هذا نداء هو آخر نداءات الله تعالى عباده في هذه السّورة، وهو أعمّ من النّداء بعنوان الإيمان فقال: يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى من آدم وحوّاء باعتبار الأصل، كما أنّ كلّ آدميّ مخلوق من أبوين أحدهما ذكر والاخر أنثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ وبطون وأفخاذ وفصائل، كلّ هذا لحكمة التّعارف فلم يجعلكم كجنس الحيوان لا يعرف الحيوان الاخر، ولكن جعلكم شعوبا وقبائل وعائلات وأسرا لحكمة التّعارف المقتضي للتّعاون، إذ التّعاون بين الأفراد ضروريّ لقيام مجتمع صالح سعيد.

فتعارفوا وتعاونوا ولا تتفرّقوا لأجل التّفاخر بالأنساب. فإنّه لا قيمة للحسب ولا للنّسب إذا كان


(١) مقاييس اللغة لأحمد بن فارس (٤/ ٢٨١) .
(٢) لسان العرب (٩/ ٢٣٦/ ٢٣٧) .
(٣) أغفلت كتب التعريفات ذكر التعارف مصطلحا فاقتبسنا ذلك من جملة أقوال المفسرين.