للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أمور تنافي تعظيم الأمر والنّهي:

أحدها: التّرخّص الّذي يمنع صاحبه عن كمال الامتثال.

الثّاني: الغلوّ الّذي يتجاوز بصاحبه حدود الأمر والنّهي. الأوّل: تفريط، والثّاني: إفراط.

ومن الأمور الّتي تؤدّي إلى عدم تعظيم الأمر والنّهي: تأويل الأمر والنّهي بعلّة تعود عليهما بالإبطال، كما تأوّل بعضهم تحريم الخمر بأنّه معلّل بإيقاع العداوة والبغضاء، والتّعرّض للفساد، فإذا أمن من هذا المحذور منه جاز شربه.

الدّرجة الثّانية: «تعظيم الحكم أن يبغى له عوج، أو يدافع بعلم، أو يرضى بعوض» .

ومعنى هذا تعظيم الحكم الكونيّ القدريّ بألّا يطلب له عوجا أو يرى فيه عوجا؛ بل يراه كلّه مستقيما، لأنّه صادر عن عين الحكمة، فلا عوج فيه.

ومن كمال التّعظيم أن لا يرضى العبد بعوض يطلبه بعمله وإن طلب ثواب الله وجزاء عمله.

الدّرجة الثّالثة: «تعظيم الحقّ سبحانه، وهو أن لا يجعل دونه سببا، ولا يرى عليه حقّا، أو ينازع له اختيارا» .

وهذه الدّرجة تتضمّن تعظيم الحاكم سبحانه، صاحب الخلق والأمر والّتي قبلها تتضمّن تعظيم قضائه لا مقضيّه، والأولى تتضمّن تعظيم أمره.

وفي هذه الدّرجة يتيقّن المسلم من أنّ الّذي يوصّله إلى الله هو الله، ولا يتوصّل إلى رضاه إلّا به، ما دلّ على الله إلّا الله، ولا هدى إليه سواه. ولا يرى لأحد من الخلق حقّا على الله، بل الحقّ لله على خلقه.

فالحقّ في الحقيقة لله على عبده، وحقّ العبد هو ما اقتضاه جوده وبرّه وإحسانه إليه بمحض جوده وكرمه.

ويعني هذا أن لّا ينازع المسلم اختيار الله بل يرضى بما اختاره له؛ فإنّ ذلك من تعظيم الله ومن تعظيم حرمات الله «١» .

[للاستزادة: انظر صفات: الإيمان- التقوى الصلاة- الطاعة- الزكاة- الصوم- الحج والعمرة- العبادة.

وفي ضد ذلك: انظر صفات: انتهاك الحرمات ترك الصلاة- العصيان- التفريط والإفراط- الفسوق- الفجور- الفساد] .


(١) مدارج السالكين (٢/ ٥١٦- ٥٢٣) بتصرف.