للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأقبلوا يسيرون حتّى أتوا مرّ الظّهران «١» فإذا هم بنيران كأنّها نيران عرفة، فقال أبو سفيان: ما هذه؟ لكأنّها نيران عرفة. فقال بديل بن ورقاء: نيران بني عمرو فقال أبو سفيان: عمرو أقلّ من ذلك. فرآهم ناس من حرس رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأدركوهم فأخذوهم فأتوا بهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فأسلم أبو سفيان، فلمّا سار قال للعبّاس: «احبس أبا سفيان عند خطم الجبل «٢» حتّى ينظر إلى المسلمين» فحبسه العبّاس، فجعلت القبائل تمرّ مع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، كتيبة كتيبة على أبي سفيان فمرّت كتيبة فقال: يا عبّاس من هذه؟ فقال: هذه غفار. قال: مالي ولغفار. ثمّ مرّت جهينة، قال: مثل ذلك، ثمّ مرّت سعد بن هذيم.

فقال: مثل ذلك، ومرّت سليم، فقال: مثل ذلك.

حتّى أقبلت كتيبة لم ير مثلها، قال: من هذه؟، قال:

هؤلاء الأنصار، عليهم سعد بن عبادة معه الرّاية، فقال سعد بن عبادة: يا أبا سفيان اليوم يوم الملحمة اليوم تستحلّ الكعبة. فقال أبو سفيان: يا عبّاس حبّذا يوم الذّمار «٣» ثمّ جاءت كتيبة وهي أقلّ الكتائب فيهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه وراية النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم مع الزّبير بن العوّام، فلمّا مرّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بأبي سفيان. قال: ألم تعلم ما قال سعد بن عبادة؟ قال: «ما قال؟» قال:

كذا وكذا، فقال: «كذب سعد «٤» ولكن هذا يوم يعظّم الله فيه الكعبة، ويوم تكسى فيه الكعبة» ) * «٥» .

١٤-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من يأخذ عنّي هؤلاء الكلمات فيعمل بهنّ أو يعلّم من يعمل بهنّ؟» فقال أبو هريرة: أنا يا رسول الله، فأخذ بيدي فعدّ خمسا وقال: «اتّق المحارم تكن أعبد النّاس، وارض بما قسم الله لك تكن أغنى النّاس، وأحسن إلى جارك تكن مؤمنا وأحبّ للنّاس ما تحبّ لنفسك تكن مسلما، ولا تكثر الضّحك فإنّ كثرة الضّحك تميت القلب» ) * «٦» .

١٥-* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما- أنّه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ما من أيّام أعظم عند الله ولا أحبّ إلى الله العمل فيهنّ من أيّام العشر فأكثروا فيهنّ التّسبيح والتّحميد والتّهليل والتّكبير» ) * «٧» .

١٦-* (عن أبي الدّرداء- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لا يزال المؤمن معنقا «٨» صالحا ما لم يصب دما حراما، فإذا أصاب دما حراما بلّح «٩» » ) * «١٠» .


(١) مر الظهران: موضع من منازل مكة، وقيل هو واد بين مكة وعسفان.
(٢) خطم الجبل: أي رعن الجبل وهو الأنف العظيم منه تراه متقدما عليه.
(٣) يوم الذمار: أي يوم الحرب.
(٤) وقوله كذب سعد: يعني أخطأ فيما قال.
(٥) البخاري- الفتح ٧ (٤٢٨٠) .
(٦) الترمذي (٢٣٠٥) . وابن ماجة (٤٢١٧) . وقال في الزوائد: هذا إسناد حسن. وأحمد (٢/ ٣١٠) . وقال محقق «جامع الأصول» (١١/ ٦٨٧) : وأخرجه البيهقي في الشعب وهو حديث حسن.
(٧) ذكره الدمياطي في المتجر الرابح وقال: رواه الطبراني بإسناد جيد، والبيهقي بإسناد لا بأس به نحوه (٣٠٦) . السنن الكبرى (٤/ ٤٧١) . ونحوه عند البخاري- الفتح (٢/ ٤٥٧) / (٩٦٩) .
(٨) معنقا: أي مسرعا إلى الخير.
(٩) بلّح: يعني انقطع.
(١٠) أبو داود (٤٢٧٠) وقال الألباني: صحيح (٣/ ٨٠٥) . والحاكم (٤/ ٣٥١) وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي. وذكره الألباني في الصحيحة (٢/ ٢٤) / ٥١١ وعزاه لابن حبان وابن عساكر. ومعنى الحديث: أن المؤمن لا يزال مسرعا في طاعته منبسطا في عمله، وقيل المراد يوم القيامة (النهاية: ٣/ ٣١٠) .