للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[التقوى اصطلاحا:]

قال الرّاغب: التّقوى في تعارف الشّرع: حفظ النّفس عمّا يؤثم وذلك بترك المحظور، ويتمّ ذلك بترك بعض المباحات، لما روي: الحلال بيّن والحرام بيّن، ومن رتع حول الحمى فحقيق أن يقع فيه، وقال الجرجانيّ: التّقوى في الطّاعة يراد بها الإخلاص وفي المعصية يراد بها التّرك والحذر، وقيل هي: «الاحتراز بطاعة الله عن عقوبته وصيانة النّفس عمّا تستحقّ به العقوبة من فعل أو ترك» ، وقيل: هي المحافظة على آداب الشّريعة ومجانبة كلّ ما يبعد المرء عن الله تعالى، وقيل: هي ترك حظوظ النّفس ومباينة الهوى.

وقال الفيروز آباديّ: التّقوى البالغة الجامعة:

اجتناب كلّ ما فيه ضرر وهو المعصية، والفضول، فعلى ذلك تنقسم إلى فرض ونفل.

وقيل: هي التّجنّب عن كلّ ما يؤثّم من فعل أو ترك. وقيل: هي امتثال أوامره تعالى واجتناب نواهيه، بفعل كلّ مأمور به وترك كلّ منهيّ عنه حسب الطّاقة. قال الحليميّ: حقيقة التّقوى فعل المأمور به والمندوب إليه واجتناب المنهيّ عنه والمكروه المنزّه عنه لأنّ المراد من التّقوى وقاية العبد نفسه من النّار وهو إنّما يقي نفسه من النّار بما ذكرت «١» .

[من معاني كلمة التقوى في القرآن:]

ورد لفظ التّقوى في القرآن الكريم على خمسة أوجه:

١- الخوف والخشية كما في قوله تعالى: يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (الحج/ ١) .

٢- العبادة كما في قوله تعالى: يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ (النحل/ ٢) .

٣- ترك المعصية كما في قوله تعالى: وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (البقرة/ ١٨٩) أي لا تعصوه.

٤- التّوحيد كما في قوله تعالى: أُولئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى (الحجرات/ ٣) أي للتّوحيد.

٥- الإخلاص كما في قوله سبحانه: ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللَّهِ فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ (الحج/ ٣٢) «٢» .

[بين التقوى والورع:]

التّقوى تقارب الورع إلّا أنّ بينهما فروقا منها:

١- التّقوى أخذ عدّة، والورع دفع شبهة.


(١) التعريفات للجرجاني (٦٥) ، وانظر شعب الإيمان للبيهقي (٧/ ١٥٧) ، ودليل الفالحين (١/ ٦٤٢) ، والمفردات للأصفهاني (ص ٥٣٠) ، وبصائر ذوي التمييز (٢/ ٣٠٠) .
(٢) كشف الأسرار لابن العماد (ص ٢٢٢ وما بعدها) ، وقارن ببصائر ذوي التمييز للفيروز ابادي (٢/ ٣٠٠) ، ونزهة الأعين النواظر لابن الجوزي (٢١٩) وما بعدها.