للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لوضوح معناها و «أكبر» خبر والأخبار يجوز حذفها وحذف ما تعلّق بها، وقيل معناه الله أكبر من أن يعرف كنه كبريائه وعظمته، وإنّما قدّر له ذلك؛ لأنّ أفعل التّفضيل (الّذي مؤنّثه فعلى) يلزمه الألف واللّام أو الإضافة كالأكبر وأكبر القوم، وراء أكبر في الآذان والصّلاة ساكنة للوقف، فإذا وصل بكلام ضمّ «١» .

وقال الإمام الغزاليّ: المتكبّر هو الّذي يرى الكّلّ حقيرا بالإضافة إلى ذاته، ولا يرى العظمة والكبرياء إلّا لنفسه، فينظر إلى غيره نظر الملوك إلى العبيد، فإن كانت هذه الرّؤية صادقة كان التّكبّر حقّا وكان صاحبها متكبّرا حقّا، ولا يتصوّر ذلك على الإطلاق إلّا لله- عزّ وجلّ- وإن كان ذلك التّكبّر والاستعظام باطلا، ولم يكن ما يراه من التّفرّد بالعظمة كما يراه، كان التّكبّر باطلا ومذموما، وكلّ من رأى العظمة والكبرياء لنفسه على الخصوص دون غيره كانت رؤيته كاذبة ونظره باطلا، إلّا الله سبحانه وتعالى «٢» .

وقال الجوهري: الكبر في السّنّ يقال فيه:

كبر الرّجل يكبر كبرا أي أسنّ، وكبر بالضّمّ يكبر أي عظم فهو كبير وكبار فإذا أفرط قيل كبّار بالتّشديد، والكبر بالكسر العظمة وكذلك الكبرياء، والتّكبير التّعظيم والتّكبّر والاستكبار التّعظّم، وذكر ابن منظور أنّ كبّر الأمر تكون بمعنى جعله كبيرا وتكون بمعنى: قال: الله أكبر، أمّا أكبر في قوله سبحانه: فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ (يوسف/ ٣١) فأكثر المفسّرين يقولون أعظمنه «٣» .

وروي عن مجاهد أنّه قال: أكبرنه «حضن» وليس ذلك بالمعروف في اللّغة، وروى الأزهريّ عن ابن جبير بن مطعم عن أبيه: أنّه رأى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يصلّي قال: فكبّر وقال: الله أكبر كبيرا، ثلاث مرّات ... قال أبو منصور: نصب كبيرا؛ لأنّه أقامه مقام المصدر لأنّ معنى قوله: الله أكبر: أكبّر الله كبيرا بمعنى تكبيرا، يدلّ على ذلك ما روي عن الحسن: أنّ نبيّ الله صلّى الله عليه وسلّم كان إذا قام إلى صلاته من اللّيل قال: لا إله إلّا الله، الله أكبر كبيرا، ثلاث مرّات، فقوله كبيرا بمعنى تكبيرا فأقام الاسم مقام المصدر الحقيقيّ، وقوله: الحمد لله كثيرا، أي أحمد الله حمدا كثيرا «٤» والتّكبير في قوله تعالى: لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى ما هَداكُمْ (الحج/ ٣٧) معناه تعظيم الله بالذّكر له وهو التّكبير يوم الفطر «٥» .

وقوله تعالى: وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى ما هَداكُمْ (البقرة/ ١٨٥) ، جاء في تفسيرها أنّ المعنى: لتعظّموه


(١) النهاية (٤/ ١٤٠) .
(٢) المقصد الأسنى ص ٧٥.
(٣) لسان العرب (٣٨٠٨) ، ومعنى أعظمنه أي وجدنه عظيما ومن ثم يكون «أفعل» هنا لمصادفة الشيء على صفة كما قولهم: قاتلناكم فما أجبنّاكم أي ما وجدناكم جبناء.
(٤) المرجع السابق (٣٩١٠) .
(٥) انظر تفسير الطبري (٢/ ٩٢) .