للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدودا لا ينبغي تجاوزها تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوها (البقرة/ ٢٢٩) ، وقال عزّ وجلّ: إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (الشورى/ ٤٢) ، وبهذا فإنّ الحرّيّة الإسلاميّة ليست اتّباعا للهوى أو جريا وراء الشّهوات وتحقيق المكاسب المادّيّة بالحقّ أو بالباطل، يقول الله تبارك وتعالى: وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ (القصص/ ٥٠) ، وقال عزّ وجلّ: وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا وَاتَّبَعَ هَواهُ وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً (الكهف/ ٢٨) ، بل على العكس من ذلك على الإنسان أن يتّبع شريعة الله الحاكمة، قال تعالى: اتَّبِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ (الأعراف/ ٣) ، وكما نهى الإسلام الإنسان عن أن يتّبع هواه في الحكم على حقوق الاخرين فإنّه نهي أيضا عن اتّباع هوى الغير من الضّالّين المضلّين، قال تعالى: وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ ما أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّما يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ لَفاسِقُونَ* أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (المائدة/ ٤٩- ٥٠) .

[تكريم المرأة:]

لقد اتّخذ تكريم المرأة في الإسلام صورا عديدة ومظاهر متنوّعة منها على سبيل المثال:

١- ضرورة المحافظة على حياتها، وقد جاء ذلك عندما نعى القرآن الكريم على عرب الجاهليّة ما كانوا يقدمون عليه من وأدهنّ «١» . يقول تعالى: وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ* بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ (التكوير/ ٨- ٩) ، وقد وسم القرآن الكريم هؤلاء الجاهلين بسوء حكمهم وخطأ تقديرهم عند ما كانوا يشعرون بالهوان ويتوارون من الخجل عندما يرزق أحدهم بالبنت فقال عزّ من قائل: وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ* يَتَوارى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ ما بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرابِ أَلا ساءَ ما يَحْكُمُونَ (النحل/ ٥٨- ٥٩) ، ويستنكر إليه مثل هذا التصرّف بقوله تعالى: قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلادَهُمْ سَفَهاً بِغَيْرِ عِلْمٍ (الأنعام/ ١٤٠) .

٢- إعطاؤها الحقّ كاملا في ممارسة العبادة والحصول على الأجر العظيم والمغفرة من الله عزّ وجلّ إن هي فعلت ما أمر الله تبارك وتعالى به، مصداق ذلك قوله تعالى: إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَالْقانِتِينَ وَالْقانِتاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِراتِ وَالْخاشِعِينَ وَالْخاشِعاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِماتِ وَالْحافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحافِظاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِراتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً (الأحزاب/ ٣٥) .

٣- يسّر الإسلام السّبيل أمام المرأة لتتفرّغ لأجلّ مهمّة في الحياة وهي حفظ النّسل والقيام عليه بالرّعاية والتّعليم والتّربية والتّهذيب وهي كما قال الشّاعر:

هي الأخلاق تنبت كالنّبات ... إذا سقيت بماء المكرمات


(١) الوأد: يعني إهالة التراب على الفتاة وهي حيّة حتى تموت.