للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كنت ترتّل في الدّنيا فإنّ منزلتك عند آخر آية كنت تقرؤها «١» ، وأخبر الصّادق المصدوق أيضا: «أنّ القرآن يأتي شفيعا لأصحابه يوم القيامة «٢» ، وقال أبو موسى الأشعريّ- رضي الله عنه- من يتّبع القرآن يهبط به على رياض الجنّة «٣» .

لقد عقد القرطبيّ في مقدّمة تفسيره بابا أسماه «باب ذكر جمل من فضائل القرآن، والتّرغيب فيه، وفضل طالبه وقارئه ومستمعه والعامل به» ، وقال- رحمه الله-: اعلم أنّ هذا الباب واسع كبير نذكر منه نكتا تدلّ على فضله، وما أعدّ الله لأهله، إذا أخلصوا الطّلب لوجهه، وعملوا به، فأوّل ذلك أن يستشعر المؤمن من فضل القرآن أنّه كلام ربّ العالمين، غير مخلوق، كلام من ليس كمثله شيء، وصفة من ليس له شبيه ولا ندّ، فهو من نور ذاته جلّ وعزّ، وأنّ القراءة أصوات القرّاء ونغماتهم، وهي أكسابهم الّتي يؤمرون بها إيجابا في بعض العبادات وندبا في بعضها الآخر، ويثابون عليها ويعاقبون على تركها، هذا ممّا أجمع عليه المسلمون، ونطقت به الآثار، ودلّ عليه المستفيض من الأخبار، ولولا أنّه سبحانه جعل في قلوب عباده من القوّة ما جعله، ليتدبّروه وليعتبروا به وليتذكّروا ما فيه من طاعته وعبادته، لضعفت واندكّت بثقله، أو لتضعضعت له، وأنّى تطيقه؟ وهو القائل: لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ... (الحشر/ ٢١) ، فأين قوّة القلوب من قوّة الجبال؟ ولكنّ الله رزق عباده من القوّة على حمله ما شاء أن يرزقهم فضلا منه ورحمة، (ثمّ ذكر الأحاديث والآثار الواردة في فضل القرآن وتلاوته) «٤» .

[ثمرات قراءة القرآن:]

لقراءة القرآن من الثّمرات ما لا يحصى، وقد جاءت بذلك الأحاديث الصّحيحة، والآثار الواردة عن الصّحابة والتّابعين وقد لخّصها الشّيخ مصطفى عمارة فيما يأتي:

١- إنّ قارئ القرآن في مصافّ العظماء ومن أفضل النّاس، وأعلاهم درجة.

٢- يكتسب القارئ عن كلّ حرف حسنة والحسنة بعشر أمثالها.

٣- تشمل القارئ ظلّة الرّحمة ويحاط بالملائكة وتتنزّل عليه السّكينة.

٤- يضيء الله قلب القارئ، ويقيه ظلمات يوم القيامة ويبعد عنه الشّدائد.

٥- القارئ رائحته زكيّة ومذاقه حلو كالأترجّة، ومن هنا فهو جليس صالح يقترب إليه الصّالحون العاملون ليشمّوا منه عطره، وينفحوا من شذاه.


(١) انظر الحديثين رقمي (٣٦، ٣٧) .
(٢) انظر الحديث رقم (٦) .
(٣) تفسير القرطبي (٢/ ٩٥) .
(٤) مقدمة تفسير القرطبي (١/ ٤- ٩) ، وقد أوردنا ما صحّ من ذلك في قسمي الأحاديث والآثار، ولم نذكرها هنا تجنبّا للتكرار.