للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الرّبّ، وقيل: التوبة الاعتراف والنّدم والإقلاع.

وقيل: التوبة في الشّرع: النّدم على معصيته من حيث هي معصية، مع عزم ألّا يعود إليها إذا قدر عليها.

فقولهم على معصية: لأنّ النّدم على المباح أو الطّاعة لا يسمّى توبة، وقولهم من حيث هي معصية: لأنّ من ندم على شرب الخمر لما فيه من الصّداع أو خفّة العقل أو الإخلال بالمال والعرض لم يكن تائبا شرعا، وقولهم: مع عزم ألّا يعود، زيادة تقرير؛ لأنّ النّدم على الشّيء لا يكون إلّا كذلك، ولذلك ورد في الحديث «النّدم توبة» . وقولهم: إذا قدر عليها، إشارة إلى أنّ من سلب القدرة على معصية مثل الزّنا وانقطع طمعه عن عود القدرة إليه لم يكن ذلك توبة منه» .

[التوبة النصوح:]

قال الجرجانيّ: التّوبة النّصوح هي توثيق العزم على ألّا يعود بمثله. وقيل هي ألّا يبقي (التّائب) على عمله أثرا من المعصية سرّا وجهرا، وهذه التّوبة هي الّتي تورث صاحبها الفلاح عاجلا وآجلا.

وقال التّهانويّ: التّوبة النّصوح وهي من أعمال القلب تعني تنزيه القلب عن الذّنوب، وعلامتها أن يكره العبد المعصية ويستقبحها فلا تخطر له على بال ولا ترد في خاطره أصلا.

[معاني التوبة وأنواعها:]

قال صاحب التّعريفات: التّوبة على ثلاثة معان:

أوّلها: النّدم. وثانيها: العزم على ترك العود إلى ما نهى الله عنه. وثالثها: السّعي في أداء المظالم.

أمّا أنواعها:

فقيل هي نوعان: توبة الإنابة وتوبة الاستجابة، فتوبة الإنابة أن تخاف من الله من أجل قدرته عليك، وتوبة الاستجابة أن تستحي من الله لقربه منك، قال تعالى: وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (ق/ ١٦) وقيل: بل ثلاثة:

التّوبة الصّحيحة: وهي أنّه إذا اقترف العبد ذنبا تاب عنه بصدق في الحال.

والتّوبة الأصحّ: وهي التّوبة النّصوح (وقد سبق تعريفها) .

والتّوبة الفاسدة: هي التّوبة باللّسان مع بقاء لذّة المعصية في الخاطر «٣» .

[التوبة والإنابة والأوبة:]

يقال لمن خاف العقاب هو صاحب توبة، ولمن يتوب بطمع الثّواب هو صاحب إنابة، ولمن يتوب لمحض مراعاة أمر الله فهو صاحب أوبة. وقيل:

التّوبة صفة عامّة المؤمنين. قال تعالى: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ (النور/ ٣١) . والإنابة صفة الأولياء والمقرّبين. قال تعالى: وَجاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ (ق/ ٣٣) والأوبة صفة الأنبياء والمرسلين. قال تعالى:


١، ٢ مفردات الراغب (٧٦) والتعريفات للجرجاني (٧٤) ، وكشاف اصطلاحات الفنون (١/ ٢٣١) .
(٣) التعريفات (٧٤) ، وكشاف اصطلاحات الفنون (١/ ٢٣٣) .