للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بقي وحده، ويقال أيضا وحد ووحد وفرد وفرد ...

ونقل عن ابن سيده أنّه يقال في (مصدر) وحد ووحد وحادة وحدة ووحدا، وقولهم توحّد: بقي وحده، وفي حديث ابن الحنظليّة وكان رجلا متوحّدا أي منفردا لا يخالط النّاس ولا يجالسهم، وأوحد الله جانبه أي بقيّ وحده وأوحده للأعداء، وتوحّد برأيه تفرّد به «١» ، وتوحّده الله بعصمته أي عصمه ولم يكله إلى غيره وأوحدت الشّاة فهي موحد أي وضعت واحدا «٢» ، وقولهم: مررت به وحده مصدر لا يثنّى ولا يجمع ولا يغيّر عن المصدر، وهو بمنزلة إفرادا وإن لم يتكلّم به، وأصله أوحدته بمروري إيحادا ثمّ حذفت زياداته فجاء على الفعل ومثله قولهم: عمرك الله، والعرب تنصب «وحده» في الكلام كلّه لا ترفعه ولا تخفضه إلّا في ثلاثة أحرف: نسيج وحده، وعيير وحده، وجحيش وحده «٣» ، ووجه النّصب أنّه مصدر أي توحّد وحده، وقال (الكوفيّون) «٤» إنّه نصب على أنّه صفة، وقال أبو عبيد: وقد يدخل الأمران فيه جميعا، أمّا قولهم نسيج وحده فمدح، وأمّا جحيش وحده وعيير وحده فموضوعان موضع الذّمّ، وهما اللّذان لا يشاوران أحدا ولا يخالطان (غيرهما) ، وفيهما مع ذلك مهانة وضعف، وقيل معنى قولهم: نسيج وحده أنّه لا ثاني له «٥» ، وفي حديث عمر- رضي الله عنه- من يدلّني على نسيج وحده ومنه أيضا حديث عائشة- رضي الله عنها- تصف عمر- رضي الله عنه- «كان نسيج وحده» «٦» . والوحد: حدة كلّ شيء، يقال وحد الشّيء يحد حدة، وكلّ شيء على حدة فهو ثاني آخر، يقال: ذلك على حدته، وهما على حدتهما، وهم على حدتهم وفي حديث جابر ودفن أبيه: فجعله في قبر على حدة أي منفردا وحده وهي مثل عدة وزنة من الوعد والوزن، قال ابن سيدة: وحدة الشّيء توحّده، يقال: هذا الأمر على حدته وعلى وحده، وقولهم:

أوحده النّاس أي تركوه وحده، وأمّا قوله عزّ وجلّ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فإنّ أكثر القرّاء على تنوين أحد وقد قرأه بعضهم بترك التّنوين وقرئ أيضا بإسكان الدّال، وأجودها الرّفع في المرور (أي في الوصل) ، وإنّما كسر التّنوين لسكونه وسكون اللّام من لفظ الجلالة، ومن حذف التّنوين فلالتقاء السّاكنين أيضا. وروي في التّفسير أنّ المشركين قالوا للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: انسب لنا ربّك فأنزل الله- عزّ وجلّ-: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ* اللَّهُ الصَّمَدُ (الإخلاص/ ١، ٢) . ومعنى ذلك نفي


(١) لسان العرب «وحد» (٤٧٨٠) .
(٢) الصحاح (٢/ ٥٤٨) .
(٣) هكذا نقل ابن منظور عن أبي عبيد، وقد أضاف الراغب إلى هذه الثلاثة قولهم رجيل وحده. انظر المفردات (٥١٥) .
(٤) في الأصل وقال أصحابنا أي أصحاب أبي عبيد والمراد بهم الكوفيون، وقال ابن الأثير: هو منصوب عند أهل البصرة على الحال أو المصدر وعند أهل الكوفة على الظرف. النهاية (٥/ ١٦٠) .
(٥) لسان العرب «وحد» (٤٧٨٠) وما بعدها (ط. دار المعارف) .
(٦) النهاية (٥/ ١٦٠) وفي اللسان «كان- رحمه الله- أحوذيّا نسيج وحده» المعنى أنّه ليس له شبيه في رأيه وجميع أموره (اللسان ٤٧٨١) .