للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- عزّ وجلّ- بالعبادة) . والعبادة مبنيّة على شيئين:

المحبّة، والتّعظيم. ففي المحبّة يكون الرّجاء، وفعل الأوامر طلبا للوصول إلى محبّة الله- عزّ وجلّ- وثوابه. والتّعظيم: به يترك الإنسان المناهي الّتي نهى الله عنها ويخاف من عقابه، وللعبادة- أيضا- شرطان، أوّلهما: الإخلاص لله. وثانيهما: المتابعة لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم.

وأمّا توحيد الأسماء والصّفات فيعني إفراد المولى- عزّ وجلّ- بأسمائه وصفاته وذلك بإثبات ما أثبته الله تعالى لنفسه، ونفي ما نفاه عن نفسه، والسّكوت عمّا سكت عنه الله ورسوله، أو أثبتاه إثباتا بلا تمثيل، ونفيا بلا تعطيل «١» .

[أسس توحيد الأسماء والصفات:]

يقوم توحيد الأسماء والصّفات على ثلاثة أسس، من حاد عنها لم يكن موحّدا لربّه في الأسماء والصّفات:

الأساس الأوّل: تنزيه الله عن مشابهته الخلق، وعن أيّ نقص.

الأساس الثّاني: الإيمان بالأسماء والصّفات الثّابتة في الكتاب والسّنة، دون تجاوزها بالنّقص منها أو الزّيادة عليها أو تحريفها أو تعطيلها.

الأساس الثّالث: قطع الطّمع عن إدراك كيفيّة هذه الصّفات «٢» .

[أدلة هذا التوحيد:]

أمّا الأسماء فقد دلّ عليها قوله تعالى: وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها ... (الأعراف/ ١٨٠) ، وقوله: لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى (الحشر/ ٢٤) .

وأمّا الصّفات فقد دلّ عليها إقراره صلّى الله عليه وسلّم لقول الصّحابيّ في الحديث الّذي أخرجه البخاريّ: «إنّها صفة الرّحمن» .

وهذا التّوحيد لا يكفي في حصول الإسلام، بل لابدّ مع ذلك من الإتيان بلازمه من توحيد الرّبوبيّة والألوهيّة، ولم يكن الكفّار ينكرون هذا النّوع، إلّا أنّ بعضهم قد ينكر بعضه، إمّا جهلا، وإمّا عنادا «٣» .

[اشتمال الفاتحة على التوحيد بأنواعه المختلفة:]

قال ابن قيّم الجوزيّة: اشتملت سورة الفاتحة على أنواع التّوحيد الثّلاثة الّتي اتّفقت عليها الرّسل صلوات الله وسلامه عليهم، وهو نوعان (إجمالا) هما التّوحيد العلمي المتعلّق بالأخبار والمعرفة.

والثّاني: التّوحيد القصديّ الإراديّ أي المتعلّق بالقصد والإرادة، وهذا الثّاني نوعان: توحيد في الرّبوبيّة وتوحيد في الألوهيّة. (فتصبح الأنواع ثلاثة تفصيلا) .


(١) الجواب المفيد في بيان أقسام التوحيد (٨- ١٧) بتصرف وإيجاز، وانظر أيضا فتاوي الشيخ العثيمين (٢/ ١١٢) وما بعدها.
(٢) التوحيد أولا (٣٢١) نقلا عن منهج ودراسات لآيات الأسماء والصفات/ للشنقيطي (٣، ٥) .
(٣) التوحيد أولا (٢٢) .