للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

١٢-* (سئل حذيفة عن قوله تعالى: اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ هل عبدوهم؟

فقال: لا، ولكن أحلّوا لهم الحرام فاستحلّوه، وحرّموا عليهم الحلال فحرّموه) * «١» .

١٣-* (قال ابن تيميّة- رحمه الله-: «إنّ التّوحيد الّذي بعث الله به رسوله قوليّ وعمليّ، فالتّوحيد القوليّ مثل سورة الإخلاص قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، والتّوحيد العمليّ قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ ولذا كان النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يقرأ بهاتين السّورتين في ركعتي الفجر وركعتي الطّواف قوله تعالى: قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا (البقرة/ ١٣٦) ، وفي الرّكعة الثّانية بقوله تعالى:

قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (آل عمران/ ٦٤) فإنّ هاتين الآيتين فيهما دين الإسلام، وفيهما الإيمان القوليّ والعمليّ، فقوله تعالى قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَما أُنْزِلَ إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ إلى آخرها (البقرة/ ١٣٦) يتضمّن الإيمان القوليّ والإسلام. وقوله قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا ... الآية إلى آخرها (آل عمران/ ٦٤) يتضمّن الإسلام والإيمان العمليّ، فأعظم نعمة أنعمها الله على عباده الإسلام والإيمان وهما في هاتين الآيتين) * «٢» .

١٤-* (قال ابن القيّم- رحمه الله تعالى- «لا ريب أنّ أهل التّوحيد يتفاوتون في توحيدهم علما ومعرفة وحالا- تفاوتا لا يحصيه إلّا الله. فأكمل النّاس توحيدا الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، والمرسلون منهم أكمل في ذلك. وأولو العزم من الرّسل أكمل توحيدا ... وأكمل أولي العزم الخليلان: محمّد وإبراهيم صلوات الله وسلامه عليهما، إذ قاما من التّوحيد بما لم يقم به غيرهما علما ومعرفة وحالا، ودعوة للخلق وجهادا. ولمّا كان أكمل التّوحيد توحيد الأنبياء أمر الله نبيّه أن يقتدي بهم فيه كما قال سبحانه- بعد ذكر إبراهيم ومناظرته أباه وقومه في بطلان الشّرك وصحّة التّوحيد وذكر الأنبياء من ذريّته- أُولئِكَ الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ* أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ (الأنعام/ ٨٩- ٩٠) .

فلا أكمل من توحيد من أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن يقتدي بهم) * «٣» .

١٥-* (وقال ابن القيّم أيضا في قوله تعالى:

إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ أي: لا ينال عهدي بالإمامة مشرك، ولهذا أوصى نبيّه محمّدا صلّى الله عليه وسلّم أن يتّبع ملّة


(١) تفسير القرطبي (٨/ ١٢٠) .
(٢) قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة (١٨٢، ١٨٣) .
(٣) مدارج السالكين (٣/ ٥٠١، ٥٠٢) بإيجاز.