للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهو جالس فلينهض ثم ليأخذ ماء للوضوء والغسل، ومن توضأ فإنه يرى أن لله عليه ركعتين فيصليهما ويسأل الله تبارك وتعالى له الهداية ولمن أغضبه فيستحقق لديه النتائج المرضية للعلاج وهو ذهاب الغضب والصبر على ما لقيه من أخيه المسلم.

أما المعنوية: فهي ذكر الله تبارك وتعالى وذكر الله سبحانه أكبر من الصلاة فيما ينتج عنه من نتائج تلازم الفرد بسبب ملازمته للذكر فَتَعالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ (المؤمنون/ ١١٦) .

إذا توصل المسلم إلى هذه المرحلة وإلى هذا العلاج النفسي والوجداني فسوف يلمس في نفسه الإحساس بالارتياح والاستقرار والأمن والطمأنينة وسوف يتجنب كل شر قد خطر له أو عرض لذهنه لحظة من الدهر، وهكذا في كل الحالات النفسية التي فيها ضعف أو فيها مرض فإن الإسلام يضع الأسباب الوقائية التي تحول دون أن يصل المسلم إلى الحالة المرضية أو إلى الضغط النفسي الشديد الذي يعمي البصر أو يصم السمع أو يغلق القلب.

فإن لم تجد معه الأسباب الوقائية ووقع في المرض النفسي فإن الإسلام يرشده إلى العلاج النفسي الذي يشفيه مما ابتلي به من أمراض قال الله تبارك وتعالى: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (الإسراء/ ٨٢) وقال تعالى: يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (يونس/ ٥٧) وهكذا أرشدنا القرآن والسنة المطهرة إلى أن من وجد في صدره شيئا من الضيق أو القلق أو الاضطراب أو نزوعا للاعتداء على الآخرين فليفتح كتاب الله- تبارك وتعالى- بعد الوضوء وبعد الاستعاذة بالله تعالى من الشيطان وليقرأ ما تيسر له من الآيات الكريمة، أو ليستمع لغيره وهو يتلو كتاب الله تعالى فإن كافة تلك الأمراض الباطنية ستتقلص وتخف شدتها بالتدريج ثم تزول نهائيا.

فإن كان المرض مسيطرا ومتغلبا لديه وقد أسفر اتجاهه نحو الانحراف ونحو ارتكاب الجريمة التي اتجه إليها فليقرأ عقوبة هذه الجريمة وليتصور نفسه أنه قد وقعت عليه هذه العقوبة وأقيم عليه الحد، فماذا يا ترى؟ هل يستمر لديه خاطر الشر أم أنه يخمد نهائيا، ويزول تماما؟ فمن قوي لديه الانحراف في طلب الرزق وفكر في السرقة فليتصور نفسه ويده مقطوعة، فبم يأكل وبم يحمل الأشياء وكيف يعمل؟ وما هو موقفه من أسرته، من أولاده وزوجته، وقد جعلوه قدوة لهم، وهم يصبرون على الجوع ولا يصبرون على المحرم ولا يريدون أن يروا رب أسرتهم مقطوع اليد حدا. إنها آثار سيئة ومشينة ومكروهة من جميع أفراد المجتمع المحيط بهذا الإنسان، ثم ماذا هل يكتب على نفسه أن يكون في عداد المجرمين العابثين بأمن الأفراد والمجتمع؟ «١» .


(١) بتصرف واختصار يسير عن: القضاء في الإسلام ودوره في القضاء على الجريمة، ج ١، ص ٣٠٧- ٣١٠.