للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المثل التطبيقي من حياة النبي صلّى الله عليه وسلّم في (الجود)

١١-* (عن جبير بن مطعم- رضي الله عنه- أنّه قال: بينما أسير مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ومعه النّاس مقفله «١» من حنين فعلقت النّاس يسألونه حتّى اضطرّوه إلى سمرة «٢» فخطفت رداءه فوقف النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال: «أعطوني ردائي لو كان عدد هذه العضاه «٣» نعما لقسمته بينكم، ثمّ لا تجدوني بخيلا ولا كذوبا ولا جبانا» ) *» .

١٢-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال:

جاء رجل إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: إنّي مجهود «٥» فأرسل إلى بعض نسائه، فقالت: والّذي بعثك بالحقّ ما عندي إلّا ماء. ثمّ أرسل إلى أخرى فقالت مثل ذلك. حتّى قلن كلّهنّ مثل ذلك: لا. والّذي بعثك بالحقّ ما عندي إلّا ماء. فقال: «من يضيف هذا اللّيلة، رحمه الله» ، فقام رجل من الأنصار فقال: أنا، يا رسول الله فانطلق به إلى رحله فقال لامرأته: هل عندك شيء؟ قالت: لا. إلّا قوت صبياني. قال: فعلّليهم بشيء. فإذا دخل ضيفنا فأطفئي السّراج وأريه أنّا نأكل. فإذا أهوى ليأكل فقومي إلى السّراج حتّى تطفئيه. قال: فقعدوا وأكل الضّيف. فلمّا أصبح غدا على النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال: «قد عجب الله من صنيعكما بضيفكما اللّيلة» ) * «٦» .

١٣-* (عن المقداد- رضي الله عنه- قال:

أقبلت أنا وصاحبان لي وقد ذهبت أسماعنا وأبصارنا من الجهد «٧» فجعلنا نعرض أنفسنا على أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فليس أحد منهم يقبلنا. فأتينا النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فانطلق بنا إلى أهله. فإذا ثلاثة أعنز فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «احتلبوا هذا اللّبن بيننا» قال: فكنّا نحتلب فيشرب كلّ إنسان منّا نصيبه. ونرفع للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم نصيبه قال: فيجيء من اللّيل فيسلّم تسليما لا يوقظ نائما ويسمع اليقظان. قال ثمّ يأتي المسجد فيصلّي ثمّ يأتي شرابه فيشرب. فأتاني الشّيطان ذات ليلة، وقد شربت نصيبي. فقال: محمّد يأتي الأنصار فيتحفونه ويصيب عندهم. ما به حاجة إلى هذه الجرعة «٨» . فأتيتها فشربتها. فلمّا أن وغلت في بطني «٩» وعلمت أنّه ليس إليها سبيل. قال ندّمني الشّيطان فقال: ويحك ما صنعت؟ أشربت شراب محمّد؟ فيجيء فلا يجده فيدعو عليك فتهلك. فتذهب دنياك وآخرتك. وعليّ شملة إذا وضعتها على قدميّ خرج رأسي، وإذا وضعتها على رأسي خرج قدماي. وجعل لا يجيئني النّوم، وأمّا صاحباي فناما ولم يصنعا ما صنعت. قال فجاء النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فسلّم كما كان يسلّم ثمّ أتى المسجد


(١) مقفله: جأي حين قفل عائدا إلى مكة.
(٢) سمرة: أي ألجأوه إلى شجرة من شجر البادية ذات شوك.
(٣) العضاه: هو شجر ذو شوك.
(٤) البخاري- الفتح ٦ (٢٨٢١) .
(٥) إني مجهود: أي أصابني الجهد وهو المشقة والحاجة وسوء العيش والجوع.
(٦) البخاري- الفتح ٧ (٣٧٩٨) . ومسلم (٢٠٥٤) واللفظ له.
(٧) الجهد: بفتح الجيم هو الجوع والمشقة.
(٨) الجرعة: هي بضم الجيم وفتحها.
(٩) وغلت في بطني: أي دخلت وتمكنت منه.