للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهي تخمّر عجينها «١» قال: فلمّا رأيتها عظمت في صدري «٢» حتّى ما أستطيع أن أنظر إليها أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ذكرها، فولّيتها ظهري ونكصت على عقبي، فقلت: يا زينب أرسل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يذكرك. قالت: ما أنا بصانعة شيئا حتّى أوامر ربّي. فقامت إلى مسجدها «٣» ونزل القرآن «٤» . وجاء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فدخل عليها بغير إذن. قال فقال: ولقد رأيتنا «٥» أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أطعمنا الخبز واللّحم حين امتدّ النّهار «٦» . فخرج النّاس وبقي رجال يتحدّثون في البيت بعد الطّعام. فخرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم واتّبعته.

فجعل يتتبّع حجر نسائه يسلّم عليهنّ. ويقلن:

يا رسول الله كيف وجدت أهلك؟ قال: فما أدري أنا أخبرته أنّ القوم قد خرجوا أو أخبرني. قال: فانطلق حتّى دخل البيت. فذهبت أدخل معه فألقى السّتر بيني وبينه. ونزل الحجاب. قال: ووعظ القوم بما وعظوا به.

زاد ابن رافع في حديثه: لا تدخلوا بيوت النّبيّ إلّا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه «٧» ؛ إلى قوله: والله لا يستحيي من الحقّ» ) * «٨» .

٧-* (عن أنس- رضي الله عنه- قال: قال عمر: وافقت الله في ثلاث أو وافقني ربّي في ثلاث قلت: يا رسول الله، لو اتّخذت مقام إبراهيم مصلّى.

وقلت: يا رسول الله، يدخل عليك البرّ والفاجر، فلو أمرت أمّهات المؤمنين بالحجاب، فأنزل الله آية الحجاب. قال: وبلغني معاتبة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بعض نسائه. فدخلت عليهنّ قلت: إن انتهيتنّ أو ليبدّلنّ الله رسوله خيرا منكنّ، حتّى أتيت إحدى نسائه قالت:

يا عمر، أما في رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ما يعظ نساءه حتّى تعظهنّ أنت؟ فأنزل الله عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْواجاً خَيْراً مِنْكُنَّ مُسْلِماتٍ ... الاية) * «٩» .


(١) تخمر عجينها: أي تجعل في عجينها الخمير. قال المجد: وتخمير العجين تركه ليجود.
(٢) فلما رأيتها عظمت في صدري ... : معناه أنه هابها واستجلها من أجل إرادة النبي صلّى الله عليه وسلّم تزوّجها. فعاملها معاملة من تزوجها صلّى الله عليه وسلّم، في الإعظام والإجلال والمهابة. وقوله: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.. هو بفتح الهمزة من أن: أي من أجل ذلك. وقوله: نكصت: أي رجعت. وكان جاء إليها ليخطبها وهو ينظر إليها، على ما كان من عادتهم. وهذا قبل نزول الحجاب. فلما غلب عليه الإجلال تأخر. وخطبها وظهره إليها، لئلا يسبقه النظر إليها.
(٣) إلى مسجدها: أي موضع صلاتها من بيتها.
(٤) ونزل القرآن: يعني نزل قوله تعالى: فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها (الأحزاب/ ٣٦) فدخل عليها بغير إذن، لأن الله تعالى زوجها إياه بهذه الاية.
(٥) ولقد رأيتنا أي رأيت أنفسنا.
(٦) حين امتد النهار: أي ارتفع. هكذا هو في النسخ: حين، بالنون.
(٧) غير ناظرين إناه: أي غير منتظرين لإدراكه. والإنى كإلى، مصدر أنى يأني، إذا أدرك ونضج، ويقال: بلغ هذا إناه أي غايته. ومنه: حميم آن وعين آنية. وبابه رمى. ويقال: أنى يأنى أيضا: إذا دنا وقرب. ومنه: أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ (الحديد/ ١٦) وقد يستعمل على القلب فيقال: آن يئين أينا فهو آين.
(٨) البخاري الفتح ٨ (٤٧٩٣) . ومسلم (١٤٢٨) واللفظ له.
(٩) البخاري- الفتح ٨ (٤٤٨٣) وهذا لفظه. ومسلم (٢٣٩٩) مختصرا.