للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الظن اصطلاحا:]

قال الكفويّ: الظّنّ: أخذ طرفي الشّكّ بصفة الرّجحان وقال أيضا: والرّاجح إن قاربه إمكان المرجوح يسمّى ظنّا، أو هو التّردّد الرّاجح بين طرفى الاعتقاد غير الجازم «١» .

وقال التّهانويّ: الظّنّ: عند الفقهاء: التّردّد بين أمرين استويا أو ترجّح أحدهما على الآخر، وعند المتكلّمين: الظّنّ تجويز أمرين أحدهما أرجح من الآخر والمرجوح يسمّى بالوهم «٢» .

وقال ابن العربيّ: الظّنّ تجويز أمرين في النّفس لأحدهما ترجيح على الآخر «٣» .

وعلى هذا فحسن الظّنّ ترجيح جانب الخير على جانب الشّرّ.

من معاني كلمة «الظّنّ» في القرآن الكريم:

ورد الظّنّ في القرآن مجملا على أوجه:

بمعنى اليقين، وبمعنى الشّكّ، وبمعنى التّهمة، وبمعنى الحسبان.

فالّذي بمعنى اليقين قوله تعالى:

١- يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ (البقرة/ ٤٦) .

٢- وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِراقُ (القيامة/ ٢٨) .

٣- إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ (الحاقة/ ٢٠) .

٤- وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ) (الجن/ ١٢) .

٥- أَلا يَظُنُّ أُولئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ) (المطففين/ ٤) .

٦- وَظَنُّوا ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ) (فصلت/ ٤٨) .

٧- وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ) (يونس/ ٢٢) .

٨- وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ (التوبة/ ١١٨) . يعني المتخلّفين عن غزوة تبوك.

وأمّا الّذي بمعنى الشّكّ والتّهمة فمنه قوله تعالى:

١- مَنْ كانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ (الحج/ ١٥) .

٢- وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا (الأحزاب/ ١٠) .

٣- وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ) (الفتح/ ١٢) .

٤- يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجاهِلِيَّةِ) (آل عمران/ ١٥٤) .

٥- وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ (الحشر/ ٢) يعني بني قريظة وحصونهم.

٦- إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً (يونس/ ٣٦) .

وأمّا الّذي بمعنى الحسبان فمنه قوله تعالى:

١- إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ* بَلى إِنَّ رَبَّهُ كانَ بِهِ بَصِيراً (الانشقاق/ ١٤، ١٥) .

٢- وَما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ وَلكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ ... الآية (فصلت/ ٢٢) .

والظّنّ في كثير من الأمور مذموم. ولهذا قال تعالى: وَما يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً (يونس/ ٣٦) .


(١) كليات أبي البقاء الكفوي (١/ ٨٩، ٩٠، ٣/ ٦٢، ١٧٤) .
(٢) كشفا اصطلاحات الفنون (٣/ ١٥٤٧) .
(٣) أحكام القرآن لابن العربي (٤/ ١٧١٢) .