للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال: اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ) (الحجرات/ ١٢) «١» .

ضابط معنى الظّنّ في القرآن الكريم:

قال الكفويّ: عن مجاهد قال: كلّ ظنّ في القرآن فهو يقين وهذا يشكل في كثير من الآيات، وقال الزّركشيّ: للفرق بينهما (أي الظّنّ بمعنى اليقين والظّنّ بمعنى الشّكّ) ضابطان في القرآن:

أحدهما: أنّه حيث وجد الظّنّ محمودا مثابا عليه فهو اليقين، وحيث وجد مذموما متوعّدا عليه بالعذاب فهو الشّكّ.

والثّاني: أنّ كلّ ظنّ يتّصل به أن المخفّفة فهو شكّ نحو قوله تعالى: بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ (الفتح/ ١٢) ، وكلّ ظنّ يتّصل به أنّ المشدّدة فهو يقين كقوله تعالى: إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ (الحاقة ٢٠) والمعنى في ذلك أنّ: «أنّ» المشدّدة للتّأكيد فدخلت في اليقين والمخفّفة بخلافها فدخلت في الشّكّ «٢» .

أقسام الظّنّ وأحكامه

: وصفوة القول أنّ الظّنّ لا يخرج عن أمور خمسة:

الأوّل: الظّنّ المحرّم، وهو سوء الظّنّ بالله.

ويقابله وجوب حسن الظّنّ بالله.

الثّاني: حرمة سوء الظّنّ بالمسلمين الّذين ظاهرهم العدالة، والمطلوب حسن الظّنّ بهم.

الثّالث: الظّنّ المباح، وهو الّذي يعرض في قلب المسلم في أخيه بسبب ما يوجب الرّيبة، وهذا الظّنّ لا يحقّق.

الرّابع: الظّنّ المندوب إليه، وهو حسن الظّنّ بالأخ المسلم وعليه الثّواب.

الخامس: الظّنّ المأمور به، وهو الظّنّ فيما لم ينصّ عليه دليل يوصلنا إلى العلم، وقد تعبّدنا الله بالاقتصار على الغالب الظّنّيّ فيه، كقبول شهادة العدول وتحرّي القبلة وتقويم المستهلكات وأروش الجنايات الّتي لم يرد نصّ في تقديرها «٣» .

[للاستزادة: انظر صفات: الأدب- حسن الخلق- حسن المعاملة- حسن العشرة- اليقين.

وفي ضد ذلك: انظر صفات: الإساءة- سوء الخلق- سوء الظّنّ- الطيش] .


(١) انظر: بصائر ذوي التمييز (٣/ ٥٤٥- ٥٤٧) .
(٢) كليات الكفوي (٣/ ١٦٥) .
(٣) انظر منهج الدعوة الاسلامية في البناء الاجتماعي (٤١٢) .