للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا يتطلّع من السّطح إلى عوراته، ولا يضايقه في وضع الجذع على جداره، ولا في مصبّ الماء في ميزابه، ولا في مطرح التّراب في فنائه، ولا يضيّق طرقه إلى الدّار، ولا يتبعه النّظر فيما يحمله إلى داره، ويستر ما ينكشف له من عوراته، وينعشه من صرعته إذا نابته نائبة، ولا يغفل عن ملاحظة داره عند غيبته، ولا يسمع عليه كلاما، ويغضّ بصره عن حرمته، ولا يديم النّظر إلى خادمته، ويتلطّف بولده في كلمته، ويرشده إلى ما يجهله من أمر دينه ودنياه» ) * «١» .

١٢-* (وقال: «اعلم أنّه ليس حقّ الجوار كفّ الأذى فقط بل احتمال الأذى، ولا يكفي احتمال الأذى بل لا بدّ من الرّفق وإسداء الخير والمعروف، إذ يقال: إنّ الجار الفقير يتعلّق بجاره الغنيّ يوم القيامة فيقول: يا ربّ سل هذا لم منعني معروفه وسدّ بابه دوني؟» ) * «٢» .

١٣-* (قال القرطبيّ: «فالوصاة بالجار مأمور بها مندوب إليها (أي مرغّب فيها) مسلما كان أو كافرا وهو الصّحيح» ) * «٣» .

١٤-* (قال ابن حجر: «ويفترق الحال في ذلك بالنّسبة للجار الصّالح وغير الصّالح: والّذي يشمل الجميع إرادة الخير له، وموعظته بالحسنى، والدّعاء له بالهداية، وترك الإضرار «٤» له إلّا في الموضع الّذي يجب فيه الإضرار له بالقول والفعل، والّذي يخصّ الصّالح هو جميع ما تقدّم، وغير الصّالح كفّه عن الّذي يرتكبه بالحسنى على حسب مراتب الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر، ويعظ الكافر بعرض الإسلام عليه ويبيّن محاسنه، والتّرغيب فيه برفق، ويعظ الفاسق بما يناسبه بالرّفق أيضا ويستر عليه زلله عن غيره، وينهاه برفق، فإن أفاد فيه وإلّا فيهجره قاصدا تأديبه على ذلك مع إعلامه بالسّبب ليكفّ» ) * «٥» .

١٥-* (أنشد أبو جعفر العدويّ:

شرا «٦» جارتي سترا فضول لأنّني ... جعلت جفوني ما حييت لها سترا

وما جارتي إلّا كأمّي وإنّني ... لأحفظها سرّا وأحفظها جهرا

بعثت إليها: انعمي وتنعّمي ... فلست محلّا منك وجها ولا شعرا) * «٧» .

١٦-* (وقال حاتم الطّائيّ:

ناري ونار الجار واحدة ... وإليه قبلي تنزل القدر

ما ضرّ جارا لي أجاوره ... أن لا يكون لبابه ستر

أغضي إذا ما جارتي برزت ... حتّى يواري جارتي الخدر) * «٨» .

١٧-* (أنشد أحمد بن عليّ الحرّانيّ:


(١) إحياء علوم الدين (٢/ ٢١٣) .
(٢) المصدر السابق نفسه، والصفحة نفسها.
(٣) تفسير القرطبي (٥/ ١٨٤) .
(٤) الإضرار: الإغلاظ.
(٥) فتح الباري (١٠/ ٤٥٦) .
(٦) شرا: مقصور شراء.
(٧) المنتقى من مكارم الأخلاق (٦٠) .
(٨) المصدر السابق نفسه، والصفحة نفسها.