للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واكتساب الملكة التّامّة على الأفعال الفاضلة على قدر طاقتها، وقال بعضهم هي: العلم النّافع المعبّر عنه بمعرفة ما لها وما عليها المشار إليها بقوله تعالى: وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً (البقرة/ ٢٦٩) «١» .

وقد ذكر الجرجانيّ والتّهانويّ وابن حجر للحكمة تعريفات عديدة تختلف باختلاف نوع الحكمة من ناحية واختلاف من يتناولها من العلماء من ناحية أخرى وأهمّ هذه التّعريفات:

١- عند المفسرين:

الحكمة: معرفة الحقّ لذاته والخير لأجل العمل به وهو التّكاليف الشّرعيّة «٢» .

(انظر تعريفات أخرى للحكمة ضمن الآثار الواردة عن السّلف في كتب التّفسير) .

٢- عند المحدّثين:

قال ابن حجر: واختلف في المراد بالحكمة فقيل: الإصابة في القول. وقيل: الفهم عن الله، وقيل ما يشهد العقل بصحّته، وقيل نور يفرّق به بين الإلهام والوسواس. وقيل: سرعة الجواب بالصّواب. وقيل:

غير ذلك «٣» ، ثمّ نقل عن الإمام النّوويّ قوله: في الحكمة أقوال كثيرة مضطربة صفا لنا منها: أنّ الحكمة هي العلم المشتمل على المعرفة بالله مع نفاذ البصيرة وتهذيب النّفس وتحقيق الحقّ للعمل به والكفّ عن ضدّه، والحكيم من حاز ذلك «٤» .

٣- عند أهل السّلوك:

نقل التّهانويّ تعريفين للحكمة هما:

أ- الحكمة معرفة آفات النّفس والشّيطان والرّياضات.

ب- الحكمة هيئة للقوّة العقليّة العمليّة المتوسّطة بين الجربزة (وهي هيئة تصدر بها الأفعال بالمكر والحيلة) وبين البلاهة وهي الحمق، والحكمة بهذا المعنى أحد أجزاء العدالة المقابلة للجور «٥» .

[من معاني كلمة الحكمة في القرآن الكريم:]

وذكر أهل التّفسير أنّ الحكمة في القرآن على ستّة أوجه:

أحدها: الموعظة: ومنه قوله تعالى في (القمر/ ٥) : حِكْمَةٌ بالِغَةٌ فَما تُغْنِ النُّذُرُ.

الثّاني: السّنّة: ومنه قوله تعالى في (البقرة/ ١٥١) : وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ.

الثّالث: الفهم: ومنه قوله تعالى في (لقمان/ ١٢) : وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ.

الرّابع: النّبوّة: ومنه قوله تعالى في (ص/ ٢٠) : وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطابِ.

الخامس: القرآن: أمره ونهيه: ومنه قوله تعالى


(١) الكليات للكفوي (٢/ ٢٢٢) .
(٢) كشاف اصطلاحات الفنون للتهانوي (١/ ٣٧٠) .
(٣) فتح الباري (٧/ ١٢٦) .
(٤) المرجع السابق (١/ ٥٤٩) .
(٥) كذا قال التهانوي والكشاف (١/ ٣٧٢) . وذكر الجرجاني أن الجربزة في إفراط هذه القوة وذكر البلادة بدلا من البلاهة، وقال إن المراد بالبلادة هو التفريط. انظر كتاب التعريفات (ص ٩٧) .