للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان أحدكم ليطحن! قال: فجاء وهو أرمد لا يكاد يبصر، قال: فنفث في عينيه ثمّ هزّ الرّاية ثلاثا فأعطاها إيّاه، فجاء بصفيّة بنت حييّ، قال: ثمّ بعث فلانا بسورة التّوبة، فبعث عليّا خلفه فأخذها منه، قال: «لا يذهب بها إلّا رجل منّي وأنا منه» ، قال: وقال لبني عمّه: «أيّكم يواليني في الدّنيا والآخرة؟» . قال: وعليّ معه جالس، فأبوا، فقال عليّ: أنا أواليك في الدّنيا والآخرة، قال: «أنت ولييّ في الدّنيا والآخرة» ، قال:

فتركه، ثمّ أقبل على رجل منهم فقال: «أيّكم يواليني في الدّنيا والآخرة؟» . فأبوا، قال: فقال عليّ: أنا أواليك في الدّنيا والآخرة. فقال: «أنت وليّي في الدّنيا والآخرة» ، قال: وكان أوّل من أسلم من النّاس بعد خديجة، قال: وأخذ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ثوبه فوضعه على عليّ وفاطمة وحسن وحسين فقال: «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (الأحزاب/ ٣٣) قال: وشرى عليّ نفسه، لبس ثوب النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ثمّ نام مكانه، قال: وكان المشركون يرمن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فجاء أبو بكر وعليّ نائم، قال: وأبو بكر يحسب أنّه نبيّ الله، قال: فقال: يا نبيّ الله، قال:

فقال له عليّ: إنّ نبيّ الله صلّى الله عليه وسلّم قد انطلق نحو بئر ميمون فأدركه، قال: فانطلق أبو بكر فدخل معه الغار، قال: وجعل عليّ يرمى بالحجارة كما كان يرمى نبيّ الله وهو يتضوّر «١» ، قد لفّ رأسه في الثّوب لا يخرجه، حتّى أصبح، ثمّ كشف عن رأسه، فقالوا: إنّك للئيم! كان صاحبك نرميه فلا يتضوّر وأنت تتضوّر، وقد استنكرنا ذلك! قال: وخرج بالنّاس في غزوة تبوك، قال: فقال له عليّ: أخرج معك؟ قال: فقال له نبيّ الله: «لا» .

فبكى عليّ، فقال له: «أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى؟ إلّا أنّك لست بنبيّ، إنّه لا ينبغي أن أذهب إلّا وأنت خليفتي» ، قال: وقال له رسول الله: «أنت وليّي في كلّ مؤمن بعدي» ، وقال: «سدّوا أبواب المسجد غير باب عليّ» . فقال: فيدخل المسجد جنبا وهو طريقه، ليس له طريق غيره، قال: وقال:

«من كنت مولاه فإنّ مولاه عليّ» ، قال: «وأخبرنا الله عزّ وجلّ- في القرآن أنّه قد رضي عنهم، عن أصحاب الشّجرة، فعلم ما في قلوبهم، هل حدّثنا أنّه سخط عليه بعد؟» . قال: وقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لعمر حين قال ائذن لي فلأضرب عنقه، قال: «أو كنت فاعلا؟» وما يدريك لعلّ الله قد اطّلع إلى أهل بدر فقال:

اعملوا ما شئتم» ) * «٢» .

١٢-* (عن أبي الزّبير عن جابر قال: «مكث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بمكّة عشر سنين يتبع النّاس في منازلهم بعكاظ ومجنّة وفي المواسم بمنى يقول من يؤويني؟ من ينصرني حتّى أبلّغ رسالة ربّي وله الجنّة؟ حتّى إنّ الرّجل ليخرج من اليمن أو من مضر- كذا قال- فيأتيه قومه فيقولون احذر غلام قريش لا يفتنك.

ويمشي بين رجالهم وهم يشيرون إليه بالأصابع حتّى بعثنا الله إليه من يثرب فآويناه وصدّقناه فيخرج الرّجل منّا فيؤمن به، ويقرئه القرآن فينقلب إلى أهله فيسلمون بإسلامه حتّى لم يبق دار من دور الأنصار


(١) يتضور: يتألم.
(٢) أحمد (١/ ٣٣١) ، وقال شاكر (٥/ ٢٥- ٢٧) : إسناده صحيح.