للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقوم النّاس لربّ العالمين) بكى حتّى خرّ وامتنع عن قراءة ما بعده» ) * «١» .

٧-* (قال ابن القيّم- رحمه الله-:

«الخشوع هو الاستسلام للحكمين: الدّينيّ الشّرعيّ، بعدم معارضته برأي أو شهوة، والقدريّ بعدم تلقّيه بالتّسخّط والكراهية والاعتراض. والاتّضاع لنظر الحقّ، وهو اتّضاع القلب والجوارح وانكسارها لنظر الرّبّ إليها، واطّلاعه على تفاصيل ما في القلب والجوارح، وخوف العبد الحاصل من هذا يوجب له خشوع القلب لا محالة. وكلّما كان أشدّ استحضارا له كان أشدّ خشوعا، وإنّما يفارق الخشوع القلب إذا غفل عن اطّلاع الله عليه ونظره إليه.

وممّا يورث الخشوع: ترقّب آفات النّفس والعمل، ورؤية فضل كلّ ذي فضل عليك وهذا المعنى أي انتظار ظهور نقائص نفسك وعملك وعيوبها لك يجعل القلب خاشعا لا محالة، لمطالعة عيوب نفسه وأعماله ونقائصهما: من الكبر، والعجب، والرّياء، وضعف الصّدق، وقلّة اليقين، وتشتّت النّيّة وعدم إيقاع العمل على وجه يرضاه الله تعالى وغير ذلك من عيوب النّفس.

وأمّا رؤية كلّ ذي فضل عليك: فهو أن تراعي حقوق النّاس فتؤدّيها، ولا ترى أنّ ما فعلوه فيك من حقوقك عليهم، فلا تعارضهم عليها؛ فإنّ هذا من رعونات النّفس وحماقاتها، ولا تطالبهم بحقوق نفسك. وتعترف بفضل ذي الفضل منهم وتنسى فضل نفسك.

وقد قال شيخ الإسلام ابن تيميّة- رحمه الله-:

العارف لا يرى له على أحد حقّا ولا يشهد له على غيره فضلا؛ ولذلك لا يعاتب ولا يطالب، ولا يضارب» ) * «٢» .

٨-* (عن قرظة بن كعب قال: «بعثنا عمر ابن الخطّاب إلى الكوفة وشيّعنا. فمشى معنا إلى موضع يقال له صرار. فقال: «أتدرون لم مشيت معكم؟» . قال: قلنا: لحقّ صحبة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ولحقّ الأنصار. قال: «لكنّي مشيت معكم لحديث أردت أن أحدّثكم به، فأردت أن تحفظوه لممشاي معكم.

إنّكم تقدمون على قوم للقرآن في صدورهم هزيز كهزيز المرجل. فإذا رأوكم مدّوا إليكم أعناقهم وقالوا:

أصحاب محمّد. فأقلّوا الرّواية عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ثمّ أنا شريككم» ) * «٣» .

٩-* (كان عليّ بن الحسين- رضي الله عنهما-: «إذا توضّأ اصفرّ وتغيّر، فيقال: مالك؟

فيقول: أتدرون بين يدي من أريد أن أقوم؟» ) * «٤» .

١٠- (عن الحسن البصريّ في قوله تعالى وَيَدْعُونَنا رَغَباً وَرَهَباً وَكانُوا لَنا خاشِعِينَ (الأنبياء/ ٩٠) . قال: «الخوف الدّائم في القلب» ) * «٥» .


(١) الزهد للإمام وكيع بن الجراح (١/ ٢٥٣) .
(٢) مدارج السالكين (١/ ٥٦٠- ٥٦١) بتصرف.
(٣) ابن ماجة (٢٨) .
(٤) مختصر منهاج القاصدين لابن قدامة (٢٧٣) .
(٥) الزهد لابن المبارك (٥٥) .