للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خشية» . فالخوف حركة، والخشية انجماع وانقباض وسكون. فالخوف لعامّة المؤمنين، والخشية للعلماء العارفين، والهيبة للمحبّين، والوجل للمقرّبين، وعلى قدر العلم والمعرفة تكون الخشية. قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا، ولما تلذّذتم بالنّساء على الفرش، ولخرجتم إلى الصّعدات تجأرون إلى الله تعالى» فصاحب الخوف يلتجأ إلى الهرب والإمساك، وصاحب الخشية يلتجأ إلى الاعتصام بالعلم، ومثلهما كمثل من لا علم له بالطّبّ ومثل الطّبيب الحاذق فالأوّل يلتجىء إلى الحمية والهرب، والطّبيب يلتجىء إلى معرفته بالأدوية والأدواء. وكلّ واحد إذا خفته هربت منه، إلّا الله، فإنّك إذا خفته هربت إليه فالخائف هارب من ربّه إلى ربّه «١» .

وقال الكفويّ: الخشية أشدّ من الخوف لأنّها مأخوذة من قولهم شجرة خاشية أي يابسة وهو موات بالكلّيّة، والخوف النّقص مطلقا من قولهم ناقة خوفاء أي بها داء وليس بفوات، ولذلك خصّت الخشية بالله في قوله: وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ (الرعد/ ٢١) والخشية تكون من عظم المخشيّ وإن كان الخاشي قويّا، والخوف يكون من ضعف الخائف وإن كان المخوف أمرا يسيرا.

وأيضا فإنّ أصل الخشية خوف مع تعظيم ولذلك خصّ بها العلماء في قوله تعالى: إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ (فاطر: ٢٨) على قراءة نصب لفظ الجلالة «٢» .

[للاستزادة: انظر صفات: الرجاء- التقوى- الخشوع- الخوف- الرهبة- الورع- الإخبات- الإنابة.

وفي ضد ذلك: انظر صفات: العصيان- الغرور- الفجور- الكبر والعجب- القسوة- الغفلة- الأمن من المكر] .


(١) انظر بصائر ذوي التمييز للفيروز آبادي (٢/ ٥٤٤- ٥٤٦) ، ودليل الفالحين لابن علان (٢/ ٣٦٧) .
(٢) الكليات، للكفوي (٢/ ٣٠٢) .