للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عنه- قال: جلس رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على المنبر. وجلسنا حوله. فقال: «إنّ ممّا أخاف عليكم بعدي، ما يفتح عليكم من زهرة الدّنيا وزينتها» . فقال رجل: أو يأتي الخير بالشّرّ يا رسول الله؟. قال: فسكت عنه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. فقيل له: ما شأنك تكلّم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ولا يكلّمك؟. قال: ورأينا أنّه ينزل عليه. فأفاق يمسح عنه الرّحضاء «١» . وقال: «إنّ هذا السّائل «٢» » (وكأنّه حمده) فقال: «إنّه لا يأتي الخير بالشّرّ. وإنّ ممّا ينبت الرّبيع يقتل أو يلمّ، إلّا آكلة الخضر، فإنّها أكلت، حتّى إذا امتلأت خاصرتاها استقبلت عين الشّمس فثلطت وبالت. ثمّ رتعت. وإن هذا المال خضر حلو. ونعم صاحب المسلم هو لمن أعطى منه المسكين واليتيم وابن السّبيل (أو كما قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم) وإنّه من يأخذه بغير حقّه كان كالّذي يأكل ولا يشبع، ويكون عليه شهيدا يوم القيامة» ) * «٣» .

٩-* (عن أبي سعيد الخدريّ- رضي الله عنه- قال: خرج علينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ونحن نتذاكر المسيح الدّجّال. فقال: «ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي من المسيح الدّجّال؟» قال: قلنا: بلى.

فقال: «الشّرك الخفيّ: أن يقوم الرّجل يصلّي فيزيّن صلاته لما يرى من نظر رجل» ) * «٤» .

١٠-* (عن أبي موسى- رضي الله عنه- قال: خسفت الشّمس في زمن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم. فقام فزعا يخشى أن تكون السّاعة حتّى أتى المسجد، فقام يصلّي بأطول قيام وركوع وسجود. ما رأيته يفعله في صلاة قطّ. ثمّ قال: «إنّ هذه الآيات الّتي يرسل الله لا تكون لموت أحد ولا لحياته، ولكنّ الله يرسلها يخوّف بها عباده. فإذا رأيتم منها شيئا فافزعوا إلى ذكره ودعائه واستغفاره» ) * «٥» .

١١-* (عن أنس- رضي الله عنه- أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم دخل على شابّ وهو في الموت، فقال: «كيف تجدك؟» . قال والله يا رسول الله إنّي أرجو الله وإنّي أخاف ذنوبي. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لا يجتمعان في قلب عبد في مثل هذا الموطن إلّا أعطاه الله ما يرجو، وآمنه ممّا يخاف» ) * «٦» .

١٢-* (عن أبي سعيد الخدريّ- رضي الله عنه- عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم «ذكر رجلا فيمن كان سلف- أو قبلكم- آتاه الله مالا وولدا، يعني أعطاه. قال فلمّا حضر قال لبنيه: أيّ أب كنت لكم؟ قالوا: خير أب.

قال: فإنّه لم يبتئر عند الله خيرا (فسّرها قتادة: لم


(١) الرحضاء: أي العرق، من الشدة.
(٢) إن هذا السائل: أي أين هذا السائل؟ والمعنى إن هذا السائل الممدوح الفطن ولهذا قال: وكأنه حمده.
(٣) البخاري- الفتح ١١ (٦٤٢٧) ، ومسلم (١٠٥٢) واللفظ له.
(٤) ابن ماجة (٤٢٠٤) وفي الزوائد: إسناده حسن. وحسنه الألباني، صحيح سنن ابن ماجة (٢/ ٤١٠) برقم (٣٣٨٩) .
(٥) البخاري- الفتح ٢ (١٠٥٩) . ومسلم (٩١٢) واللفظ له.
(٦) الترمذي (٩٨٣) واللفظ له، وقال: حديث حسن غريب، وابن ماجة (٤٢٦١) وقال النووي: إسناده حسن. وحسنه الألباني، صحيح ابن ماجة (٣٤٣٦) وهو في الصحيحة (١٠٥١) .