للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٢- أنّه أعظم في الأدب والتّعظيم.

٣- أنّه أبلغ في التّضرّع والخشوع.

٤- أنّه أبلغ في الإخلاص.

٥- أنّه أبلغ في جمعيّة القلب على الذّلّة في الدّعاء.

٦- أنّه دليل علي قرب الدّاعي من مولاه القريب منه، وليس من مسألة البعيد للبعيد. وقد أشار النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم إلى هذا المعنى بعينه عندما قال (في الحديث الصّحيح) عندما رفع الصّحابة أصواتهم بالتّكبير وهم معه في السّفر: «اربعوا على أنفسكم فإنّكم لا تدعون أصمّ ولا غائبا، إنّكم تدعون سميعا قريبا، أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته» وكما قال تعالى: وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ (البقرة/ ١٨٦) وهذا القرب من الدّاعي إنّما هو قرب خاصّ، وليس قربا عامّا من كلّ أحد، فهو سبحانه قريب من داعيه، وقريب من عابديه، وأقرب ما يكون العبد من ربّه وهو ساجد.

٧- أنّه (أي إخفاء الدّعاء) أدعى إلى دوام الطّلب والسّؤال.

٨- أنّه أبعد للدّاعي من القواطع والمشوّشات.

٩- أنّ فيه إخفاء للنّعمة (أي نعمة الإقبال والتّعبّد) عن أعين الحاسدين.

١٠- أنّ الدّعاء نوع من الذّكر متضمّن للطّلب منه، والثّناء عليه بأسمائه الحسنى وأوصافه العلى فهو ذكر وزيادة، وقد قال تعالى: وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ (الأعراف/ ٢٠٥) فأمر الله نبيّه في هذه الآية أن يذكره في نفسه، قال مجاهد وابن جريج: أمر أن يذكر في الصّدر بالتّضرّع والاستكانة دون رفع الصّوت أو الصّياح «١» .

[الاعتداء في الدعاء:]

قال القرطبّي- رحمه الله تعالى-: الاعتداء في الدّعاء علي وجوه منها: الجهر الكثير والصّياح، ومنها أن يدعو الإنسان لنفسه (بما لا يستحقّ) بأن تكون له منزلة نبيّ، أو يدعو في محال، أو أن يدعو طالبا معصية، أو أن يدعو بما ليس في الكتاب والسّنّة «٢» .

وقال ابن تيميّة- رحمه الله تعالى-: الاعتداء في الدّعاء يكون تارة بأن يسأل ما لا يجوز له سؤاله من المعونة على المحرّمات، وتارة بأن يسأل ما لا يفعله الله كأن يسأل تخليده إلى يوم القيامة، أو بأن يرفع عنه منازل البشريّة من الحاجة إلى الطّعام والشّراب ونحو ذلك ممّا فيه اعتداء لا يحبّه الله، ولا يحبّ سائله، وأعظم المعتدين عدوانا هم الّذين يدعون معه غيره، إذ إنّ أعظم العدوان الشّرك، ومن العدوان أن يدعوه غير متضرّع، ومن لم يسأل مسألة مسكين متضرّع خائف فهو معتد.

ومن الاعتداء أيضا أن يعبده بما لم يشرع، أو يثني عليه بما لم يثن على نفسه، ولا أذن فيه، فإنّ هذا اعتداء في دعائه الّذي هو ثناء وعبادة، وهو نظير الاعتداء في دعاء المسألة والطّلب «٣» .


(١) باختصار وتصرف عن الفتاوى ١٧/ ١٥- ٢٠، والتفسير القيم ٢٤٦- ٢٥٠.
(٢) تفسير القرطبي ٧/ ١٤٤.
(٣) الفتاوى ١٧/ ٢٢- ٢٣.