للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[الرجاء]

[الرجاء لغة:]

الرّجاء مصدر قولهم رجوت فلانا أرجوه وهو مأخوذ من مادّة (ر ج و) الّتي تدلّ على الأمل الّذي هو نقيض اليأس، ممدود. يقال رجوت فلانا رجوا ورجاء ورجاوة. ويقال ما أتيتك إلّا رجاوة الخير، وترجّيته، ترجية بمعنى رجوته.

قال بشر يخاطب ابنته:

فرجّي الخير وانتظري إيابي ... إذا ما القارظ العنزيّ آبا

وقيل: الأمل أكبر من الرّجاء؛ لأنّ الرّجاء معه خوف. قال في اللّسان: وقد يكون الرّجو، والرّجاء بمعنى الخوف. قال تعالى: ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً (نوح/ ١٣) . أي تخافون عظمة الله.

قال أبو ذؤيب:

إذا لسعته النّحل لم يرج لسعها ... وخالفها في بيت نوب عواسل

قال الرّاغب: ووجه ذلك أنّ الرّجاء والخوف يتلازمان قال تعالى: وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ ما لا يَرْجُونَ (النساء/ ١٠٤) . وقال عزّ من قائل: وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ (التوبة/ ١٠٦) ، ويقال: أرجت النّاقة: دنا نتاجها، الآيات الأحاديث الآثار ٣٤ ٤٨ ٨

وحقيقته: جعلت لصاحبها رجاء في نفسها بقرب نتاجها «١» .

[الرجاء اصطلاحا:]

تأمّل الخير وقرب وقوعه، وفي الرّسالة القشيريّة:

الرّجاء تعليق القلب بمحبوب في المستقبل.

قال ابن القيّم- رحمه الله-: الرّجاء هو النّظر إلى سعة رحمة الله.

وقيل: هو الاستبشار بجود وفضل الرّبّ تبارك وتعالى والارتياح لمطالعة كرمه.

وقيل: هو الثّقة بجود الرّبّ تعالى.

وقال الرّاغب: الرّجاء ظنّ يقتضي حصول ما فيه مسرّة.

وقال المناويّ: الرّجاء ترقّب الانتفاع بما تقدّم له سبب ما «٢» .

[الفرق بين الرجاء والتمني:]

والفرق بينه وبين التّمنّي: أنّ التّمنّي يصاحبه الكسل.

ولا يسلك صاحبه طريق الجدّ، والرّجاء على الضّدّ من ذلك. ومن الوجهة اللّغويّة فإنّ أداة الرّجاء «لعلّ» وأداة التّمنّي «ليت» . كما أنّ الرّجاء يفيد إمكان الوقوع بخلاف التّمنّي الّذي يفيد تعذّر الوقوع أو استحالته «٣» .

[من معاني كلمة الرجاء في القرآن الكريم:]

وقد ورد الرّجاء في القرآن على ستّة أوجه:

أوّلها: بمعنى الخوف: ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ


(١) انظر الصحاح للجوهري (٦/ ٢٣٥٢) ، والمفردات، للراغب (١٩٠) ، ولسان العرب (١٤/ ٣٠٩- ٣١٠) ، ومدارج السالكين (١/ ٣٧) .
(٢) مدارج السالكين (١/ ٣٧) ، التوقيف على مهمات التعاريف (١٧٤) ، والمفردات، للراغب (١٩) ، والتعريفات للجرجاني (١٠٩) .
(٣) انظر مدارج السالكين (١/ ٣٧) .