للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عنهما- قال: «اشتكى سعد بن عبادة شكوى له، فأتاه النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يعوده مع عبد الرّحمن بن عوف وسعد بن أبي وقّاص وعبد الله بن مسعود- رضي الله عنهم- فلمّا دخل عليه فوجده في غاشية «١» أهله. فقال: قد قضى «٢» ؟ قالوا: لا يا رسول الله. فبكى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فلمّا رأى القوم بكاء النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بكوا. فقال: «ألا تسمعون؟ إنّ الله لا يعذّب بدمع العين ولا بحزن القلب، ولكن يعذّب بهذا- وأشار إلى لسانه- أو يرحم. وإنّ الميّت يعذّب ببكاء أهله عليه» . وكان عمر رضي الله عنه- يضرب فيه بالعصا، ويرمي بالحجارة ويحثي بالتّراب) * «٣» .

٥٦-* (عن أنس بن مالك- رضي الله عنه- قال: «دخلنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على أبي سيف القين «٤» ، وكان ظئرا «٥» لإبراهيم عليه السّلام. فأخذ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إبراهيم فقبّله وشمّه، ثمّ دخلنا عليه بعد ذلك- وإبراهيم يجود بنفسه- فجعلت عينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم تذرفان، فقال له عبد الرّحمن بن عوف رضي الله عنه-: وأنت يا رسول الله؟ فقال: «يا ابن عوف إنّها رحمة. ثمّ أتبعها بأخرى، فقال صلّى الله عليه وسلّم:

«إنّ العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلّا ما يرضى ربّنا، وإنّا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون» ) * «٦» .

٥٧-* (عن عائشة- رضي الله عنها- زوج النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّها قالت للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: هل أتى عليك يوم كان أشدّ من يوم أحد؟. قال: «لقد لقيت من قومك ما لقيت، وكان أشدّ ما لقيت منهم يوم العقبة، إذ عرضت نفسي على ابن عبد يا ليل بن عبد كلال، فلم يجبني إلى ما أردت فانطلقت. وأنا مهموم على وجهي، فلم أستفق إلّا وأنا بقرن الثّعالب، فرفعت رأسي، فإذا أنا بسحابة قد أظلّتني فنظرت فإذا فيها جبريل، فناداني، فقال: إنّ الله قد سمع قول قومك لك وما ردّوا عليك، وقد بعث الله إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم. فناداني ملك الجبال فسلّم عليّ، ثمّ قال: يا محمّد، فقال: ذلك فيما شئت، إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين، فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله لا يشرك به شيئا» ) * «٧» .


(١) الغاشية: أي الذين يغشونه للخدمة وغيرها. وقيل هي الداهية من شر أو مكروه.
(٢) قد قضى: أي هل قضى نحبه ومات؟.
(٣) البخاري- الفتح ٣ (١٣٠٤) واللفظ له، ومسلم (٩٢٤) .
(٤) القين: الحداد. ويطلق على كل صانع.
(٥) ظئرا لإبراهيم: الظئر: زوج المرضعة، وإبراهيم هو ابن النبي صلّى الله عليه وسلّم.
(٦) البخاري- الفتح ٣ (١٣٠٣) ، ومسلم (٢٣١٥) بسياق مختلف وفي أوله قال أنس: ما رأيت أحدا كان أرحم بالعيال من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
(٧) البخاري- الفتح ٦ (٣٢٣١) واللفظ له. ومسلم (١٧٩٥) .