للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنّي قد أخرجت عبادا لي لا يدان لأحد بقتالهم «١» فحرّز عبادي إلى الطّور «٢» . ويبعث الله يأجوج ومأجوج، وهم من كلّ حدب ينسلون «٣» ، فيمرّ أوائلهم على بحيرة طبريّة، فيشربون ما فيها، ويمرّ آخرهم فيقولون: لقد كان بهذه مرّة ماء، ويحضر نبيّ الله عيسى وأصحابه، حتّى يكون رأس الثّور لأحدهم خيرا من مائة دينار لأحدكم اليوم. فيرغب نبيّ الله «٤» عيسى وأصحابه، فيرسل الله عليهم النّغف «٥» في رقابهم، فيصبحون فرسى «٦» كموت نفس واحدة. ثمّ يهبط نبيّ الله عيسى وأصحابه إلى الأرض فلا يجدون في الأرض موضع شبر إلّا ملأه زهمهم «٧» ونتنهم. فيرغب نبيّ الله عيسى وأصحابه إلى الله، فيرسل الله طيرا كأعناق البخت «٨» فتحملهم فتطرحهم حيث شاء الله، ثمّ يرسل الله مطرا لا يكنّ «٩» منه بيت مدر «١٠» ولا وبر، فيغسل الأرض حتّى يتركها كالزّلفة «١١» . ثمّ يقال للأرض: أنبتي ثمرتك، وردّي بركتك. فيومئذ تأكل العصابة «١٢» من الرّمّانة. ويستظلّون بقحفها «١٣» ، ويبارك في الرّسل «١٤» ، حتّى إنّ اللّقحة «١٥» من الإبل


- تحقيره وهوانه على الله تعالى: عوره، ومنه قوله صلّى الله عليه وسلّم هو أهون على الله من ذلك» وأنه لا يقدر على قتل أحد إلا ذلك الرجل، ثم يعجز عنه، وأنه يضمحل أمره، ويقتل بعد ذلك، هو وأتباعه، ومن تفخيمه وتعظيم فتنته والمحنة به: هذه الأمور الخارقة للعادة، وأنه ما من نبي إلا وقد أنذره قومه، والوجه الثاني أنه خفض من صوته في حال الكثرة فيما تكلم فيه، فخفض بعد طول الكلام والتعب ليستريح، ثم رفع ليبلغ صوته كل أحد بلاغا كاملا مفخما.
(١) لا يدان لأحد بقتالهم: يدان تثنية يد. قال العلماء: معناه لا قدرة ولا طاقة. يقال: ما لي بهذا الأمر يد، وما لي به يدان، لأن المباشرة والدفع إنما يكون باليد. وكأن يديه معدومتان لعجزه عن دفعه.
(٢) فحرّز عبادي إلى الطور: أي ضمهم واجعله لهم حرزا. يقال: أحرزت إحرازا، إذا حفظته وضممته إليك، وصنته عن الأخذ.
(٣) وهم من كل حدب ينسلون: قال الفراء: من كل أكمة، ومن كل موضع مرتفع، وينسلون يمشون مسرعين. يريد: يظهرون من غليظ الأرض ومرتفعها.
(٤) فيرغب نبي الله: أي إلى الله، أو يدعو.
(٥) النغف: هو دود يكون في أنوف الإبل والغنم، الواحدة نغفة.
(٦) فرسى: أي قتلى، واحدهم فريس، كقتيل، وقتلى.
(٧) الزّهم: رائحة اللحم والزّهمة بالضم الريح المنتنة.
(٨) البخت: قال في اللسان: البخت والبختية دخيل في العربية أعجمي معرب، وهي الإبل الخراسانية، تنتج من عربية وفالج، وهي جمال طوال الأعناق.
(٩) لا يكن: أي لا يمنع من نزول الماء.
(١٠) مدر: هو الطين الصلب.
(١١) كالزلفة: روي الزّلفة. وروي: الزّلفة. وروي الزّلفة. قال القاضي: وكلها صحيحة، واختلفوا في معناه فقال ثعلب وأبو زيد وآخرون: معناه كالمرآة، وحكى صاحب المشارق هذا عن ابن عباس أيضا: شبهها بالمرآة في صفائها ونظافتها. وقيل: كمصانع الماء، أي أن الماء يستنقع فيها حتى تصير كالمصنع الذي يجتمع فيه الماء. وقال أبو عبيد: معناه كالإجّانة الخضراء. وقيل: كالصفحة. وقيل: كالروضة.
(١٢) العصابة: هي الجماعة.
(١٣) بقحفها: بكسر القاف، وهو مقعر قشرها، شبهها بقحف الرأس وهو الذي فوق الدماغ، وقيل: ما انفلق من جمجمته وانفصل.
(١٤) الرسل: هو اللبن.
(١٥) اللقحة: بكسر اللام وفتحها لغتان مشهورتان، الكسر أشهر، وهي القريبة العهد بالولادة، وجمعها لقح كبركة وبرك، واللقوح ذات اللبن، وجمعها لقاح.