للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وصف فيه الجنّة حتّى انتهى، ثمّ قال في آخر حديثه «فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر» ، ثمّ اقترأ هذه الآية تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ* فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (السجدة/ ١٦، ١٧) » ) * «١» .

٣٤-* (عن عياض بن حمار المجاشعيّ أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال ذات يوم في خطبته: «ألا إنّ ربّي أمرني أن أعلّمكم ما جهلتم ممّا علّمني يومي هذا، كلّ مال نحلته عبدا حلال، وإنّي خلقت عبادي حنفاء كلّهم «٢» ، وإنّهم أتتهم الشّياطين فاجتالتهم عن دينهم، وحرّمت عليهم ما أحللت لهم، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا، وإنّ الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم «٣» عربهم وعجمهم إلّا بقايا من أهل الكتاب «٤» ، وقال: إنّما بعثتك لأبتليك وأبتلي بك «٥» ، وأنزلت عليك كتابا لا يغسله الماء «٦» ، تقرؤه نائما ويقظان. وإنّ الله أمرني أن أحرّق قريشا. فقلت ربّ إذا يثلغوا رأسي فيدعوه خبزة. قال: استخرجهم كما استخرجوك، واغزهم نغزك، وأنفق فسننفق عليك، وابعث جيشا نبعث مثله، وقاتل بمن أطاعك من عصاك. قال: وأهل الجنّة ثلاثة: ذو سلطان مقسط متصدّق موفّق، ورجل رحيم رقيق القلب لكلّ ذي قربى ومسلم، وعفيف متعفّف ذو عيال، قال: وأهل النّار خمسة: الضّعيف الّذي لا زبر له «٧» ، الّذين هم فيكم تبعا لا يتبعون أهلا ولا مالا، والخائن الّذي لا يخفى له طمع، وإن دقّ إلّا خانه، ورجل لا يصبح ولا يمسي إلّا وهو يخادعك عن أهلك ومالك» وذكر البخل أو الكذب» والشّنظير»

الفحّاش» ) * «٩» .

٣٥-* (عن همّام بن منبّه قال: هذا ما حدّثنا به أبو هريرة عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فذكر أحاديث منها:

وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «خلق الله- عزّ وجلّ- آدم على صورته «١٠» ، طوله ستّون ذراعا، فلمّا خلقه قال:

اذهب فسلّم على أولئك النّفر. وهم نفر من الملائكة جلوس، فاستمع ما يجيبونك. فإنّها تحيّتك وتحيّة ذرّيّتك، قال: فذهب فقال: السّلام عليكم. فقالوا:

السّلام عليك ورحمة الله. قال: فزادوه! ورحمة الله. قال:

فكلّ من يدخل الجنّة على صورة آدم، وطوله ستّون ذراعا، فلم يزل الخلق ينقص بعده حتّى الآن» ) * «١١» .

٣٦-* (عن حارثة بن وهب الخزاعيّ قال:


(١) مسلم (٢٨٢٥) .
(٢) حنفاء كلهم: أي مسلمين، وقيل: طاهرين من المعاصي، وقيل مستقيمين منيبين لقبول الهداية.
(٣) مقتهم: المقت: أشد البغض.
(٤) الا بقايا من أهل الكتاب: المراد بهم الباقون على التمسك بدينهم الحق من غير تبديل.
(٥) أي لأمتحنك بتبليغ الرسالة وغير ذلك من الجهاد والصبر وأبتلى بك من أرسلتك إليهم.
(٦) كتابا لا يغسله الماء: أي محفوظ في الصدور باق على مر الزمان.
(٧) لا زبر له: أي لا عقل له.
(٨) الشنظير: الفحاش، سيء الخلق.
(٩) مسلم (٢٨٦٥) .
(١٠) على صورته: أي أنه خلق في أول نشأته على صورته التي كان عليها في الأرض، وتوفي عليها، وهي طوله ستون ذراعا. ولم ينتقل أطوارا كذريته، وكانت صورته في الجنة هي صورته في الأرض لم تتغير.
(١١) مسلم (٢٨٤١) .