للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السلام من أسماء الله- عز وجل-:

قال ابن منظور: السّلام الله عزّ وجلّ، اسم من أسمائه (الحسنى) لسلامته من النّقص والعيب والفناء (حكاه ابن قتيبة) ، وقيل معناه: أنّه سلم ممّا يلحق الغير من آفات الغير والفناء، وأنّه الباقي الدّائم الّذي تفنى الخلق ولا يفنى «١» .

وقال الغزاليّ: السّلام (في أسماء الله تعالى معناه) الّذي تسلم ذاته عن العيب وصفاته عن النّقص وأفعاله عن الشّرّ، حتّى إذا كان كذلك، لم يكن في الوجود سلامة إلّا وكانت معزيّة إليه، صادرة منه، وأفعاله سبحانه سالمة كلّها عن الشّرّ المطلق المراد لذاته، لا لخير حاصل في ضمنه أعظم منه.

وقال- رحمه الله تعالى- كلّ عبد سلم عن الغشّ والحقد والحسد، وسلم قلبه عن إرادة الشّرّ، وجوارحه عن الآثام والمحظورات، وسلم عقله من أسر الشّهوة والغضب، فهو الّذي يأت الله تعالى بقلب سليم، وهو السّلام من العباد، أمّا السّلام المطلق الحقّ فهو الله عزّ وجلّ وحده «٢» .

[واصطلاحا:]

قال الكفويّ: السّلم (بالكسر والسّكون) ضدّ الحرب، وهو أيضا الإسلام، والسّلم بمعنى الصّلح يفتح ويكسر، ويذكّر ويؤنّث «٣» .

قال ابن كثير: السّلم: المسالمة والمصالحة والمهادنة «٤» .

وقال ابن حجر: قال أبو عبيدة: السّلم والسّلم واحد وهو الصّلح.

وقال أبو عمر: والسّلم بالفتح الصّلح، والسّلم بالكسر الإسلام «٥» .

قال الفيروز آباديّ: والسّلام والسّلم والسّلم:

الصّلح. وقوله: وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً (النساء/ ٩٤) قيل: نزلت فيمن قتل بعد إقراره بالإسلام ومطالبته بالصّلح «٦» .

[مسائل السلم:]

قال القرطبيّ في قوله تعالى: وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (الأنفال/ ٦١) فيه مسألتان:

الأولى: قوله تعالى: وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها إنّما قال «لها» لأنّ السّلم مؤنثّة. ويجوز أن يكون التّأنيث للفعلة. والجنوح الميل. يقول: إن مالوا إلى المسالمة؛ أي الصّلح، فمل إليها.

الأخرى: وقد اختلف في هذه الآية، هل هي منسوخة أم لا؟ فقال قتادة وعكرمة نسخها: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ (التوبة/ ٥) وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً (التوبة/ ٣٦) وقالا: نسخت براءة


(١) لسان العرب (١٢/ ٢٩٠) ط. بيروت، وقارن بالنهاية لابن الأثير (٢/ ٣٩٢) .
(٢) بتصرف واختصار عن المقصد الأسنى (٦٩- ٧٠) .
(٣) الكليات للكفوي (٥٠٧) .
(٤) تفسير القرآن العظيم (٢/ ٣٣٥) .
(٥) فتح الباري (٦/ ٣١٨) .
(٦) بصائر ذوي التمييز (٣/ ٢٥٤) .