للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تم تحريف الفقرة الأخيرة عند ترجمتها من النص السرياني إلى العربية «١» .

وفي الإصحاح السادس عشر من إنجيل لوقا يرد قول المسيح: «إن لم أنطلق يأتكم الفارقليط» «٢» وأما بشارة عيسى ابن مريم- عليهما السلام- قومه ببعثة النبي محمد صلّى الله عليه وسلّم فقد كانت صريحة نص عليها القرآن الكريم في قوله تعالى: وَإِذْ قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يا بَنِي إِسْرائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ «٣» .

وكانت صفات النبي محمد صلّى الله عليه وسلّم وعلاماته قد وردت في كل من التوراة والإنجيل بشكل صريح كما أخبر الله تعالى في الكتاب العزيز بقوله الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ «٤» .

ويرى شيخ الإسلام ابن تيمية بأن الأخبار متواترة بمعرفة أهل الكتاب بصفة النبي محمد صلّى الله عليه وسلّم «٥» . وقد أخبر الله تعالي بذلك عن أهل الكتاب كما ورد في القرآن الكريم في قوله تعالى: وَلَمَّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكافِرِينَ «٦» .

وعلى الرغم من ثبوت قيام اليهود والنصارى بتحريف التوراة والإنجيل وتعمدهم حذف اسم النبي صلّى الله عليه وسلّم وحذف النصوص الواضحة الدالة على صفاته كما يتضح ذلك من النقول والاقتباسات التي أوردها العلماء المسلمون في مؤلفاتهم أمثال ابن قتيبة، والماوردي، والقرافي، وابن تيمية، وابن قيم الجوزية، وغيرهم مما يدل على أن التحريف قد استمر حتى العصور المتأخرة، ومع ذلك فقد بقيت بعض النصوص التي تشير بشكل صريح إلى ذلك فقد نصت التوراة المتداولة بين الأحبار على ظهور النبي محمد صلّى الله عليه وسلّم في مكة في نص جاء فيه:

«جاء الرب من سينا.. ... واشرق لنا من ساعير

استعلن من جبل فاران ... ومعه الوف الأطهار

في يمينه سنة نار» «٧» .


(١) لقد حقق ذلك واكتشف الخطأ في الترجمة الأستاذ عبد الأحد داود، وانظر: حجازي- التوراة السريانية.
(٢) فارقليط: لفظ سرياني مشتق من «فاران» بمعنى مكة وجبل فاران هو جبل حراء، والقليط بمعنى الجاثم أو المتحنث أو المتعبد وتأتي بمعنى الحامد وأحمد.
(٣) القرآن الكريم- سورة الصف، الآية/ ٦.
(٤) القرآن الكريم- الأعراف، الآية/ ١٥٧.
(٥) ابن تيمية- الجواب الصحيح ١/ ٣٤٠.
(٦) القرآن الكريم- سورة البقرة، الآية/ ٨٩.
(٧) الإشارة إلى جبل فاران أي جبل حراء في مكة المكرمة، أما الإشارة إلى الأطهار فقد وردت كذلك في القرآن الكريم في قوله تعالى: لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ (التوبة/ ١٠٨) .