للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على شيء نقيمه على الشّريف والوضيع. فجعلنا التّحميم والجلد مكان الرّجم. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:

«اللهمّ إنّي أوّل من أحيا أمرك إذ أماتوه» . فأمر به فرجم. فأنزل الله عزّ وجلّ: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ.. إلى قوله إِنْ أُوتِيتُمْ هذا فَخُذُوهُ (المائدة/ ٤١) يقول: ائتوا محمّدا صلّى الله عليه وسلّم.

فإن أمركم بالتّحميم والجلد فخذوه. وإن أفتاكم بالرّجم فاحذروا. فأنزل الله تعالى: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ (المائدة/ ٤٤) .

وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٥/ المائدة/ ٤٥) . وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (٥/ المائدة/ ٤٧) . في الكفّار كلّها) * «١» .

() الأحاديث الواردة في (الشرف) معنى

٨-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال:

أتي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوما بلحم. فرفع إليه الذّراع وكانت تعجبه. فنهس «٢» منها نهسة فقال: «أنا سيّد النّاس يوم القيامة. وهل تدرون بم ذاك؟ يجمع الله يوم القيامة الأوّلين والآخرين في صعيد واحد «٣» .

فيسمعهم الدّاعي، وينفذهم البصر «٤» . وتدنو الشّمس فيبلغ النّاس من الغمّ والكرب ما لا يطيقون.

وما لا يحتملون. فيقول بعض النّاس لبعض: ألا ترون ما أنتم فيه؟ ألا ترون ما قد بلغكم؟ ألا تنظرون من يشفع لكم إلى ربّكم؟ فيقول بعض النّاس لبعض: ائتوا آدم. فيأتون آدم. فيقولون: يا آدم! أنت أبو البشر. خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه وأمر الملائكة فسجدوا لك. اشفع لنا إلى ربّك. ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ ألا ترى إلى ما قد بلغنا؟ فيقول آدم: إنّ ربّي غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله. ولن يغضب بعده مثله. وإنّه نهاني عن الشّجرة فعصيته، نفسي. نفسي. اذهبوا إلى غيري. اذهبوا إلى نوح.

فيأتون نوحا فيقولون: يا نوح! أنت أوّل الرّسل إلى الأرض. وسمّاك الله عبدا شكورا. اشفع لنا إلى ربّك.

ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟ فيقول لهم: إنّ ربّي قد غضب غضبا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله. وإنّه قد كانت لي دعوة دعوت بها على قومي، نفسي. نفسي. اذهبوا إلى إبراهيم صلّى الله عليه وسلّم.

فيأتون إبراهيم فيقولون: أنت نبيّ الله وخليله من أهل الأرض. اشفع لنا إلى ربّك. ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ ألا ترى إلى ما قد بلغنا؟ فيقول لهم إبراهيم: إنّ


(١) مسلم (١٧٠٠) .
(٢) فنهس: بمعنى أخذ بأطراف أسنانه.
(٣) في صعيد واحد: الصعيد هو الأرض الواسعة المستوية.
(٤) وينفذهم البصر: قال الكسائي: يقال نفذني بصره إذا بلغني وجاوزني. قال ويقال: أنفذت القوم إذا خرقتهم ومشيت في وسطهم. فإن جزتهم حتى تخلفتهم قلت نفذتهم بغير ألف. ومعناه: ينفذهم بصر الرحمن تبارك وتعالى حتى يأتي عليهم كلهم. وقال صاحب المطالع: معناه أنه يحيط بهم الناظر، لا يخفى عليه منهم شيء لاستواء الأرض. أي ليس فيها ما يستتر به أحد عن الناظرين.