للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله قال: «اطلبني أوّل ما تطلبني على الصّراط» قال:

قلت: فإذا لم ألقك على الصّراط. قال: «فأنا عند الميزان» . قال: قلت فإن لم ألقك عند الميزان. قال:

«فأنا عند الحوض لا أخطأ هذه الثّلاث مواطن يوم القيامة» ) * «١» .

١٤-* (عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما- أنّه قال: شهدت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوم حنين، وجاءته وفود هوازن فقالوا: يا محمّد إنّا أهل وعشيرة، فمنّ علينا، منّ الله عليك، فإنّه قد نزل بنا من البلاء ما لا يخفى عليك. فقال: «اختاروا بين نسائكم وأموالكم وأبنائكم» . قالوا: خيّرتنا بين أحسابنا وأموالنا، نختار أبناءنا، فقال: «أمّا ما كان لي ولبني عبد المطّلب فهو لكم، فإذا صلّيت الظّهر، فقولوا: إنّا نستشفع برسول الله صلّى الله عليه وسلّم على المؤمنين وبالمؤمنين على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في نسائنا وأبنائنا» . قال:

ففعلوا، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أمّا ما كان لي ولبني عبد المطّلب فهو لكم» . وقال المهاجرون: ما كان لنا فهو لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وقالت الأنصار: مثل ذلك، وقال عيينة بن بدر: أمّا ما كان لي ولبني فزارة فلا، وقال الأقرع بن حابس: أمّا أنا وبنو تميم فلا، وقال عبّاس ابن مرداس: أمّا أنا وبنو سليم فلا، فقالت الحيّان: كذبت، بل هو لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «يا أيّها الناس ردّوا عليهم نساءهم وأبناءهم، فمن تمسّك بشيء من الفيء فله علينا ستّة فرائض من أوّل شيء يفيئه الله علينا» . ثمّ ركب راحلته، وتعلّق به النّاس، يقولون: اقسم علينا فيئنا بيننا، حتّى ألجأوه إلى سمرة فخطفت رداءه، فقال: «يا أيّها النّاس: ردّوا عليّ ردائي، فو الله لو كان لكم بعدد شجر تهامة نعم لقسمته بينكم، ثمّ لا تلفوني بخيلا ولا جبانا ولا كذوبا» . ثمّ دنا من بعيره، فأخذ وبرة من سنامه فجعلها بين أصابعه السّبّابة والوسطى، ثمّ رفعها، فقال: «يا أيّها النّاس ليس لي من هذا الفيء ولا هذه إلّا الخمس، والخمس مردود عليكم فردّوا الخياط والمخيط، فإنّ الغلول يكون على أهله يوم القيامة عارا ونارا وشنارا، فقام رجل معه كبّة من شعر، فقال: إنّي أخذت هذه أصلح بها بردعة بعير لي دبر «٢» ، قال: «أمّا ما كان لي ولبني عبد المطّلب فهو لك» ، فقال الرّجل: يا رسول الله أمّا إذ بلغت ما أرى، فلا أرب لي بها، ونبذها) * «٣» .

١٥-* (عن عبد الله بن عمرو- رضي الله عنهما- أنّه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «الصّيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصّيام: أي ربّ


(١) الترمذي (٢٤٣٣) وقال: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه. وأحمد (٣/ ١٧٨) واللفظ له. والظاهر والله أعلم أن هذا حوض آخر غير الكوثر لأن المعروف أنه قبل الصراط انظر النهاية لابن كثير (٢/ ٣٦) .
(٢) الدّبر: الجرح الذي يكون في ظهر البعير، وقيل: هو أن يقرح خفّ البعير.
(٣) أحمد (٢/ ١٨٤) واللفظ له، وقال شاكر: إسناده صحيح (١١/ ١٨) رقم (٦٧٢٩) . وروى أبو داود بعضه (٢٦٩٤) . والبيهقي في السنن الكبرى (٦/ ٣٣٦، ٣٣٧) ، ورواه النسائي مطولا (٦/ ٢٦٢- ٢٦٤) .