للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبنوا أهلي «١» . وايم الله ما علمت على أهلي من سوء قطّ. وأبنوهم، بمن؟ والله ما علمت عليه من سوء قطّ، ولا دخل بيتي قطّ إلّا وأنا حاضر ولا غبت في سفر إلّا غاب معي» . وساق الحديث بقصّته. وفيه:

ولقد دخل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بيتي فسأل جاريتي.

فقالت: والله ما علمت عليها عيبا، إلّا أنّها كانت ترقد حتّى تدخل الشّاة فتأكل عجينها. أو قالت خميرها (شكّ هشام) فانتهزها بعض أصحابه، فقال: اصدقي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. حتّى أسقطوا لها به «٢» . فقالت: سبحان الله! والله ما علمت عليها إلّا ما يعلم الصّائغ على تبر الذّهب الأحمر «٣» . وقد بلغ الأمر ذلك الرّجل الّذي قيل له. فقال: سبحان الله! والله ما كشفت عن كنف أنثى قطّ. قالت عائشة: وقتل شهيدا في سبيل الله.

وفيه أيضا من الزّيادة: وكان الّذين تكلّموا به مسطح وحمنة وحسّان. وأمّا المنافق عبد الله بن أبيّ، فهو الّذي كان يستوشيه «٤» ويجمعه. وهو الّذي تولّى كبره، وحمنة) * «٥» .

١٦-* (عن عبد الله- رضي الله عنه- قال: لمّا كان يوم بدر، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ما تقولون في هؤلاء الأسرى» قال: فقال أبو بكر- رضوان الله عليه-: يا رسول الله! قومك وأهلك استفدهم واستأدهم لعلّ الله أن يتوب عليهم، قال: وقال عمر:

يا رسول الله! أخرجوك وكذّبوك، قرّبهم فاضرب أعناقهم، قال: وقال عبد الله بن رواحة: يا رسول الله! انظر واديا كثير الحطب فأدخلهم فيه، ثمّ أضرمه عليهم نارا، قال: فقال العبّاس: قطعتك رحمك، قال:

فدخل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ولم يردّ عليهم، فقال ناس:

يأخذ بقول أبي بكر، وقال ناس: يأخذ بقول عمر، وقال ناس: يأخذ بقول عبد الله بن رواحة، قال:

فخرج عليهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال: «إنّ الله- عزّ وجلّ- ليلين قلوب رجال فيه حتّى تكون ألين من اللّبن، وإنّ الله- عزّ وجلّ- ليشدّد قلوب رجال فيه حتّى تكون أشدّ من الحجارة وإنّ مثلك يا أبا بكر كمثل إبراهيم قال: فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (إبراهيم/ ٣٦) ، ومثلك يا أبا بكر كمثل عيسى صلّى الله عليه وسلّم قال: إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (المائدة/ ١١٨) ، وإنّ مثلك يا عمر كمثل- نوح صلّى الله عليه وسلّم قال: رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً (نوح/ ٢٦) ، وإنّ مثلك يا عمر كمثل موسى صلّى الله عليه وسلّم قال: وَاشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ (يونس/ ٨٨) ، أنتم عالة فلا ينقلبنّ أحد منهم إلّا بفداء- أو ضربة عنق» قال عبد الله:

فقلت إلّا سهيل بن بيضاء، فإنّي قد سمعته يذكر


(١) أبّنوا أهلي: باء مفتوحة مخففة ومشددة. رووه، هنا بالوجهين، والتخفيف أشهر. والأبن بفتح الهمزة: التهمة.
(٢) حتى أسقطوا لها به: ومعناه صرحوا لها بالأمر.
(٣) تبر الذهب الأحمر: هي القطعة الخالصة.
(٤) يستوشيه: أي يستخرجه بالبحث والمسألة، ثم يفشيه ويشيعه ويحركه، ولا يدعه يخمد.
(٥) البخاري- الفتح ٨ (٤٧٥٠) و١٣ (٧٣٦٩- ٧٣٧٠) . ومسلم (٢٧٧٠) واللفظ له.