للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المسلمين عن السّنّة، فإن أعياه ذلك دعا رؤوس المسلمين وعلماءهم واستشارهم) * «١» .

٢-* (قال عمر بن الخطّاب- رضي الله عنه- «الرّجال ثلاثة: رجل ترد عليه الأمور، فيسدّدها برأيه، ورجل يشاور فيما أشكل عليه وينزل حيث يأمره أهل الرّأي، ورجل حائر بائر «٢» لا يأتمر رشدا، ولا يطيع مرشدا» ) * «٣» .

٣-* (قال عليّ- رضي الله عنه-: «نعم المؤازرة المشاورة، وبئس الاستعداد الاستبداد» ) * «٤» .

٤-* (عن عبد الله بن عبّاس- رضي الله عنهما- أنّ عمر بن الخطّاب- رضي الله عنه- خرج إلى الشّام حتّى إذا كان بسرغ «٥» لقيه أمراء الأجناد- أبو عبيدة ابن الجرّاح وأصحابه- فأخبروه أنّ الوباء قد وقع بأرض الشّام. قال ابن عبّاس: فقال عمر: «ادع لي المهاجرين الأوّلين، فدعاهم، فاستشارهم، وأخبرهم أنّ الوباء قد وقع في الشّام، فاختلفوا: فقال بعضهم: قد خرجنا لأمر، ولا نرى أن نرجع عنه. وقال بعضهم: معك بقيّة النّاس وأصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ولا نرى أن تقدمهم على هذا الوباء. فقال: ارتفعوا عنّي. ثمّ قال: ادع لي الأنصار، فدعوتهم، فاستشارهم، فسلكوا سبيل المهاجرين، واختلفوا كاختلافهم. فقال: ارتفعوا عنّي.

ثمّ قال: ادع لي من كان هاهنا من مشيخة قريش من مهاجرة الفتح، فدعوتهم، فلم يختلف منهم عليه رجلان، فقالوا: نرى أن ترجع بالنّاس ولا تقدمهم على هذا الوباء. فنادى عمر في النّاس: إنّي مصبّح على ظهر، فأصبحوا عليه. فقال أبو عبيدة بن الجرّاح:

أفرارا من قدر الله؟ فقال عمر: لو غيرك قالها يا أبا عبيدة، نعم، نفرّ من قدر الله إلى قدر الله. أرأيت إن كانت لك إبل هبطت واديا له عدوتان «٦» : إحداهما خصيبة، والأخرى جدبة، أليس إن رعيت الخصيبة رعيتها بقدر الله، وإن رعيت الجدبة رعيتها بقدر الله؟

قال: فجاء عبد الرّحمن بن عوف- وكان متغيّبا في بعض حاجته- فقال: إنّ عندي في هذا علما، سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه» . قال: فحمد الله عمر، ثمّ انصرف) * «٧» .

٥-* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما- قال: قدم عيينة بن حصن بن حذيفة، فنزل على ابن أخيه الحرّ بن قيس، وكان من النّفر الّذين يدنيهم عمر، وكان القرّآء أصحاب مجالس عمر، ومشاورته كهولا كانوا أو شبّانا. فقال عيينة لابن أخيه: يابن أخي لك وجه عند هذا الأمير، فاستأذن لي عليه، قال: سأستأذن لك عليه. قال ابن عبّاس: فاستأذن الحرّ لعيينة، فأذن


(١) فتح الباري: (١٣/ ٣٥٤) .
(٢) بائر: هالك فاسد.
(٣) أدب الدنيا والدين (٢٦٠) .
(٤) المرجع السابق نفسه، والصفحة نفسها.
(٥) سرغ: قرية في طرف الشام مما يلي الحجاز يجوز صرفه وترك الصرف.
(٦) العدوة: المكان المرتفع.
(٧) البخاري- الفتح ١٠ (٥٧٢٩) واللفظ له، ومسلم (٢٢١٩) . ورد هذا الأثر شرحا لحديث «إذا سمعتم به بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا ... » الحديث.