للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

له عمر، فلمّا دخل عليه، قال: هيه يابن الخطّاب فو الله ما تعطينا الجزل، ولا تحكم بيننا بالعدل. فغضب عمر حتّى همّ به، فقال له الحرّ: يا أمير المؤمنين، إنّ الله تعالى قال لنبيّه صلّى الله عليه وسلّم: خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ (الأعراف/ ١٩٩) وإنّ هذا من الجاهلين. والله ما جاوزها عمر حين تلاها عليه، وكان وقّافا عند كتاب الله) * «١» .

٦-* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما- قال:

كنت أقرأ رجالا من المهاجرين منهم عبد الرّحمن بن عوف، فبينما أنا في منزله بمنى، وهو عند عمر بن الخطّاب في آخر حجّة حجّها، إذ رجع إليّ عبد الرّحمن، فقال: لو رأيت رجلا أتى أمير المؤمنين اليوم فقال: يا أمير المؤمنين هل لك في فلان يقول: لو قد مات عمر، لقد بايعت فلانا، فو الله ما كانت بيعة أبي بكر إلّا فلتة فتمّت، فغضب عمر ... الحديث وفيه: ثمّ قال: إنّه بلغني أنّ قائلا منكم يقول: والله لو قد مات عمر بايعت فلانا، فلا يغترّنّ امرؤ أن يقول: إنّما كانت بيعة أبي بكر فلتة وتمّت، ألا إنّها قد كانت كذلك، ولكنّ الله وقى شرّها، وليس فيكم من تقطع الأعناق إليه مثل أبي بكر، من بايع رجلا من غير مشورة من المسلمين فلا يبايع هو ولا الّذي بايعه تغرّة «٢» أن يقتلا ... الحديث) * «٣» .

٧-* (عن المسور بن مخرمة- رضي الله عنه-:

أنّ الرّهط الّذين ولّاهم عمر اجتمعوا فتشاوروا، فقال لهم عبد الرّحمن: لست بالّذي أنافسكم على هذا الأمر، ولكنّكم إن شئتم اخترت لكم منكم، فجعلوا ذلك إلى عبد الرّحمن، فلمّا ولوا عبد الرّحمن أمرهم فمال النّاس على عبد الرّحمن حتّى إذا كانت اللّيلة الّتي أصبحنا منها، فبايعنا عثمان- قال المسور- طرقني عبد الرّحمن بعد هجع من اللّيل، فضرب الباب حتّى استيقظت، فقال: أراك نائما، فو الله ما اكتحلت هذه الثّلاث بكثير نوم. انطلق فادع الزّبير وسعدا، فدعوتهما له، فشاورهما، ثمّ دعاني فقال: ادع لي عليّا، فدعوته، فناجاه حتّى ابهارّ اللّيل «٤» . ثمّ قام عليّ من عنده، وهو على طمع، وقد كان عبد الرّحمن يخشى من عليّ شيئا. ثمّ قال: ادع لي عثمان، فدعوته، فناجاه حتّى فرّق بينهم المؤذّن بالصّبح. فلمّا صلّى للنّاس الصّبح واجتمع أولئك الرّهط عند المنبر، فأرسل إلى من كان حاضرا من المهاجرين والأنصار، وأرسل إلى أمراء الأجناد- وكانوا وافوا تلك الحجّة مع عمر- فلمّا اجتمعوا تشهّد عبد الرّحمن، ثمّ قال: أمّا بعد يا عليّ إنّي قد نظرت في أمر النّاس، فلم أرهم يعدلون بعثمان، فلا تجعلنّ على نفسك سبيلا. فقال: أبايعك على سنّة الله وسنّة رسوله والخليفتين من بعده: فبايعه عبد الرّحمن وبايعه النّاس: المهاجرون والأنصار وأمراء الأجناد والمسلمون) «٥» .

٨-* (عن أنس بن مالك- رضي الله عنه-:


(١) البخاري- الفتح ٨ (٤٦٤٢) .
(٢) تغرة: أي حذارا.
(٣) البخاري- الفتح ١٢ (٦٨٣٠) .
(٤) ابهارّ اللّيل: انتصف.
(٥) البخاري- الفتح ١٣ (٧٢٠٧) .