للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلما كان يوم الفتح أمر الرسول صلّى الله عليه وسلّم بقتله فكلمه فيه عثمان بن عفان وقال: «أخي من الرضاعة وقد أسلم» فأمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بتركه «١» .

وتذكر المصادر الموثقة أن معاوية بن أبي سفيان أسلم عام الفتح «٢» ، وأنه كتب للرسول صلّى الله عليه وسلّم أيضا «٣» .

وقال الواقدي وغيره: وكتب حنظلة بن الربيع بن رباح الأسيدي، من بني تميم، بين يدى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مرة فسمي حنظلة الكاتب «٤» .

ويبدو أن الكتابة كانت قليلة في المدينة كما هو الحال في مكة، فيذكر الواقدي أنه «كان الكتّاب بالعربية في الأوس والخزرج قليلا، وكان بعض اليهود قد علم كتاب (كتابة) العربية، وكان يعلمه الصبيان بالمدينة في الزمن الأول، وجاء الإسلام وفي الأوس والخزرج عدة يكتبون وهم: سعد بن عبادة بن دليم، والمنذر بن عمرو، وأبّي بن كعب، وزيد بن ثابت- وكان يكتب بالعربية والعبرانية- ورافع بن مالك، وأسيد بن حضير، ومعن بن عديّ البلوي حليف الأنصار، وبشير بن سعد، وسعد بن الربيع، وأوس بن خولي، وعبد الله بن أبيّ «المنافق» «٥» . وعدد البلاذري من أسماهم «الكملة، وهم الذين جمعوا العوم والرمي إلى الكتابة، فذكر خمسة من كتاب المدينة، في الإسلام مميزا لهم عن اثنين «ممن جمع هذه الأشياء في الجاهلية من أهل يثرب» وهما سويد بن الصامت وحضير الكاتب «٦» كما ذكر كاتبا نصرانيّا من أهل الحيرة كان في المدينة، وهو جفينة العبادي، والذي استمر يسكن المدينة حتى نهاية عهد عمر ابن الخطاب «٧» .

وأورد البلاذري رواية عن أبي الزناد عن خارجة بن زيد بن ثابت ذكر فيها أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم كان قد أمره أن يتعلم كتابة العبرانية، فتعلمها، فكان يكتب له إلى يهود، ويقرأ له ما يكتبون إليه به «٨» .

[الدعوة في مكة:]

نزلت معظم سور القرآن الكريم على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في مكة. وكانت القضية الكبرى والمحورية التي ركّز عليها القرآن في معظم سوره وآياته المكية هي قضية أن «لا إله إلّا الله وحده لا شريك له» وهو التوحيد المطلق والخالص لله سبحانه وتعالى وإفراده وحده بالعبادة وعدم صرف شيء منها لغير الله. فالوحدانية المطلقة هي القضية الأساسية التي قامت عليها دعوة الأنبياء عليهم السلام من لدن آدم عليه السلام إلى محمد صلّى الله عليه وسلّم.

لقد كانت مهمة الأنبياء جميعا توضيح وبيان توحيد الله «٩» سبحانه وتعالى وإفراده وحده بالربوبية والألوهية وأن يوصف بما وصف به نفسه أو وصفه به أنبياؤه من غير تحريف ولا تعطيل ولا تشبيه ولا تمثيل. وبعد أن يتضح


(١) البلاذري- فتوح البلدان ٣/ ٥٨٢.
(٢) الاستيعاب ٣/ ٣٩٥، أسد الغابة ٤/ ٣٨٥، البداية والنهاية ٨/ ١٩- ١٤٦.
(٣) البلاذري- فتوح البلدان ٣/ ٥٨٢.
(٤) المرجع السابق ٣/ ٥٨٢.
(٥) المرجع السابق ٣/ ٥٨٣ (حديث ١١١٣) .
(٦) المرجع السابق ٣/ ٥٨٣.
(٧) المرجع السابق ٣/ ٥٨٣، ويذكر الواقدي بأنه كان ظئرا لسعد بن أبي وقاص وأن عبيد الله بن عمر اتهمه بمشايعة أبي لؤلوة المجوسي على قتل أبيه.
(٨) المرجع السابق ٣/ ٥٨٣ (حديث ١١١٥) .
(٩) انظر صفة التوحيد.