للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عائشة- رضي الله عنها- والنّاس يصلّون قلت: ما شأن النّاس؟ فأشارت برأسها إلى السّماء، فقلت: آية؟

فأشارت برأسها أي نعم قالت: فأطال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم جدّا حتّى تجلّاني الغشي «١» ، وإلى جنبي قربة فيها ماء ففتحتها، فجعلت أصبّ منها على رأسي، فانصرف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وقد تجلّت الشّمس، فخطب النّاس وحمد الله بما هو أهله، ثمّ قال: «أمّا بعد» . قالت:

ولغط «٢» نسوة من الأنصار، فانكفأت إليهنّ لأسكّتهنّ، فقلت لعائشة: ما قال؟ قالت: قال: «ما من شيء لم أكن أريته إلّا قد رأيته في مقامي هذا، حتّى الجنّة والنّار، وإنّه قد أوحي إليّ أنّكم تفتنون في القبور مثل- أو قريبا- من فتنة المسيح الدّجّال، يؤتى أحدكم فيقال له: ما علمك بهذا الرّجل؟ فأمّا المؤمن أو الموقن (شكّ هشام) - فيقول: هو رسول الله، هو محمّد صلّى الله عليه وسلّم، جاءنا بالبيّنات والهدى فامنّا وأجبنا واتّبعنا وصدّقنا. فيقال له: نم صالحا، قد كنّا نعلم إن كنت لتؤمن به. وأمّا المنافق- أو قال: المرتاب (شكّ هشام) - فيقال له: ما علمك بهذا الرّجل؟ فيقول: لا أدري سمعت النّاس يقولون شيئا فقلت» ) * «٣» .

٢٦-* (عن سويد بن حنظلة- رضي الله عنه- قال: خرجنا نريد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ومعنا وائل بن حجر، فأخذه عدوّ له، فتحرّج القوم أن يحلفوا، وحلفت أنّه أخي، فخلّى سبيله. فأتينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فأخبرته أنّ القوم تحرّجوا أن يحلفوا، وحلفت أنّه أخي، قال: «صدقت، المسلم أخو المسلم» ) * «٤» .

٢٧-* (عن عائشة- رضي الله عنها- زوج النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في حديث الإفك قالت: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا أراد أن يخرج سفرا أقرع بين نسائه فأيّتهنّ خرج سهمها، خرج بها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم معه. قالت عائشة:

فأقرع بيننا في غزوة غزاها. فخرج فيها سهمي.

فخرجت مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. وذلك بعد ما أنزل الحجاب ... الحديث، وفيه: ودعا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عليّ بن أبي طالب وأسامة بن زيد، حين استلبث «٥» الوحي.

يستشيرهما في فراق أهله. قالت: فأمّا أسامة بن زيد، فأشار على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالّذي يعلم من براءة أهله، وبالّذي يعلم في نفسه لهم من الودّ. فقال: يا رسول الله! هم أهلك ولا نعلم إلّا خيرا. وأمّا عليّ بن أبي طالب فقال: لم يضيّق الله عليك والنّساء سواها كثير. وإن تسأل الجارية تصدقك. قالت: فدعا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بريرة. فقال: «أي بريرة! هل رأيت من شيء يريبك من عائشة؟» . قالت له بريرة: والّذي بعثك بالحقّ! إن رأيت عليها أمرا قطّ أغمصه «٦» عليها، أكثر من أنّها


(١) تجلّاني الغشي: أي غطّاني ما ينوب الإنسان من الغيبوبة.
(٢) لغط نسوة: صوّتن أصواتا مختلطة مبهمة لا تفهم.
(٣) البخاري- الفتح ٢ (٩٢٢) واللفظ له. ومسلم (٩٠٥) .
(٤) أبو داود (٣٢٥٦) واللفظ له. وقال الألباني (٢/ ٦٢٨) : صحيح وهو في صحيح ابن ماجة (٢١١٩) . ورواه الحاكم في المستدرك (٤/ ٣٠٠) وقال: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي في التلخيص.
(٥) استلبث: تأخر ولم ينزل.
(٦) أغمصه: أي أعيبها به.