للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليه الملائكة عشرا» . وكلّ داع فهو مصلّ «١» .

وأمّا قولنا: اللهمّ صلّ على محمّد، فمعناه عظّمه في الدّنيا بإعلاء ذكره، وإظهار دعوته، وإبقاء شريعته، وفي الآخرة بتشفيعه في أمّته، وتضعيف أجره ومثوبته «٢» .

وقيل: المعنى لمّا أمرنا الله سبحانه بالصّلاة عليه صلّى الله عليه وسلّم ولمّا نبلغ قدر الواجب من ذلك أحلناه على الله، اللهمّ صلّ أنت على محمّد، لأنّك أعلم بما يليق به.

وهذا الدّعاء قد اختلف فيه هل يجوز إطلاقه على غير النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، أو لا؟. والصّحيح أنّه خالص له، ولا يقال لغيره.

وقال الخطّابيّ: الصّلاة الّتي بمعنى التّعظيم والتّكريم لا تقال لغيره، والّتي بمعنى الدّعاء والتّبريك تقال لغيره. ومنه: «اللهمّ صلّ على آل أبي أوفى» أي ترحّم وبارك «٣» .

[معنى صلاة الله والملائكة والإنس والجن:]

قال ابن الأعرابيّ: الصّلاة من الله رحمة، ومن المخلوقين (الملائكة والإنس والجنّ) : القيام والرّكوع والسّجود والدّعاء والتّسبيح. والصّلاة من الطّير والهوامّ التّسبيح «٤» .

وقيل: أصلها في اللّغة التّعظيم، وسمّيت الصّلاة المخصوصة صلاة لما فيها من تعظيم الرّبّ تعالى وتقديسه. وقوله في التّشهّد: «الصّلوات لله» أي الأدعية الّتي يراد بها تعظيم الله هو مستحقّها لا تليق بأحد سواه.

[من معاني كلمة «الصلاة» في القرآن الكريم:]

وقد ورد لفظ الصّلاة في القرآن على أوجه منها:

١- بمعنى الدّعاء: إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ (التوبة/ ١٠٣) .

٢- بمعنى الاستغفار: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ (الأحزاب/ ٥٦) .

٣- بمعنى الرّحمة: هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ (الأحزاب/ ٤٣) .

٤- بمعنى صلاة الخوف وَإِذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ (النساء/ ١٠٢) .

٥- بمعنى صلاة الجنازة: وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً (التوبة/ ٨٤) .

٦- بمعنى صلاة السّفر: فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ (النساء/ ١٠١) .

٧- بمعنى صلاة الأمم الماضية: وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ (مريم/ ٣١) .

٨- بمعنى كنائس اليهود: وَبِيَعٌ وَصَلَواتٌ


(١) لسان العرب (١٤/ ٤٦٥) ، وجلاء الأفهام لابن القيم (١٠٦- ١٠٧) .
(٢) بصائر ذوي التمييز (٣/ ٤٣٦- ٤٣٨) .
(٣) لسان العرب (١٤/ ٤٦٦) .
(٤) تهذيب اللغة (١٢/ ٢٣٧) .