للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عبد العزيز بعد ما استخلف أستنجز منه وعدا كان وعدنيه وهو والي المدينة فقال لي: يا دكين، إنّ لي نفسا توّاقة «١» ، لم تزل تتوق إلى الإمارة، فلمّا نلتها تاقت إلى الخلافة. فلمّا نلتها تاقت إلى الجنّة» ) * «٢» .

٥-* (عن عبّاد بن عبد الله بن الزّبير عن أبيه- رضي الله عنهما- قالا: حدّثني أبي الّذي أرضعني- وكان أحد بني مرّة بن عوف- وكان في تلك الغزوة «غزوة مؤتة» قال: والله لكأنّي أنظر إلى جعفر- رضي الله عنه- حين اقتحم عن فرس له «شقراء» ثّمّ عقرها، ثمّ قاتل القوم حتّى قتل وهو يقول:

يا حبّذا الجنّة واقترابها ... طيّبة وبارد شرابها

والرّوم روم قد دنا عذابها ... كافرة بعيدة أنسابها

عليّ إذ لاقيتها ضرابها «٣»

) * «٤» .

٦- قيل للعتّابيّ: فلان بعيد الهمّة، قال: إذن لا يكون له غاية دون الجنّة) * «٥» .

٧-* (نظر رجل إلى أبي دلف في مجلس المأمون فقال: إنّ همّته ترمي به وراء سنّه) * «٦» .

٨-* (قال مالك بن عمارة اللّخميّ: كنت جالسا في ظلّ الكعبة أيّام الموسم عند عبد الملك بن مروان وقبيصة بن ذؤيب، وعروة بن الزّبير، وكنّا نخوض في الفقه مرّة، وفي المذاكرة مرّة، وفي أشعار العرب وأمثال النّاس مرّة، فكنت لا أجد عند أحد ما أجده عند عبد الملك بن مروان من الاتّساع في المعرفة، والتّصرّف في فنون العلم، وحسن استماعه إذا حدّث، وحلاوة لفظه إذا حدّث، فخلوت معه ليلة فقلت له، والله إنّي لمسرور بك لما شاهدته من كثرة تصرّفك وحسن حديثك، وإقبالك على جليسك، فقال: إن تعش قليلا فسترى العيون طامحة إليّ والأعناق نحوي متطاولة، فإذا صار الأمر إليّ فلعلّك أن تنقل إليّ ركابك، فلأملأنّ يديك. فلمّا أفضت إليه الخلافة توجّهت إليه فوافيته يوم الجمعة وهو يخطب على المنبر، فلمّا رآني أعرض عنّي فقلت: لعلّه لم يعرفني، أو عرفني وأظهر لي نكرة، فلمّا قضيت الصّلاة ودخل بيته لم ألبث أن خرج الحاجب، فقال: أين مالك بن عمارة.

فقمت فأخذ بيدي وأدخلني عليه فمدّ إليّ يده وقال:

إنّك تراءيت لي في موضع لا يجوز فيه إلّا ما رأيت، فأمّا الآن فمرحبا، وأهلا، كيف كنت بعدي، فأخبرته، فقال لي: أتذكر ما كنت قلت لك؟ قلت:

نعم، فقال: والله ما هو بميراث وعيناه، ولا أثر رويناه، ولكنّي أخبرك بخصال منّي سمت بها نفسي إلى الموضع الّذي ترى. ما خنت ذا ودّ قطّ، ولا شمتّ بمصيبة عدوّ قطّ، ولا أعرضت عن محدّث حتّى ينتهي حديثه، ولا قصدت كبيرة من محارم الله تعالى متلذّذا بها. فكنت أؤمّل بهذه أن يرفع الله تعالى منزلتي، وقد فعل ثمّ دعا بغلام له، فقال: يا غلام بوّئه منزلا في الدّار، فأخذ الغلام بيدي، وأفرد لي منزلا حسنا،


(١) توّاقة: تشتاق إلى الشيء وتنزع إليه.
(٢) عيون الأخبار لابن قتيبة (١/ ٣٣٤) .
(٣) ضرابها: أسلوب تمثيلي والمقصود: أعمل فيها السيف حتى ألحق بها الهزيمة.
(٤) البداية والنهاية (٤/ ٢٤٤) ، والإصابة (١/ ٢٣٨) . وأبو نعيم في الحلية (١/ ١١٨) .
(٥) عيون الأخبار لابن قتيبة (١/ ٣٣٧) .
(٦) المرجع السابق (١/ ٣٣٢) .