للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أو معه «١» . وقال الجرجانيّ: الطّهارة في الشّرع: عبارة عن غسل أعضاء مخصوصة بصفة مخصوصة «٢» .

[من معاني كلمة «الطهارة» في القرآن الكريم:]

قال ابن الجوزيّ- رحمه الله تعالى-: ذكر أهل التّفسير أنّ الطّهارة في القرآن على أوجه:

(١) الطّهارة من الذّنوب، ومنه قوله تعالى في براءة: خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها التوبة/ ١٠٣) . وفي المجادلة فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً ذلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ (المجادلة/ ١٢) .

(٢) الطّهارة من الأوثان، ومنه قوله تعالى في البقرة: أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ (البقرة/ ١٢٥) ومثلها في الحجّ.

(٣) ومنها: الحلال، ومنه قوله تعالى في هود:

هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ (هود/ ٧٨) أي أحلّ.

(٤) ومنها: طهارة القلب من الرّيبة، ومنه قوله تعالى في البقرة: ذلِكُمْ أَزْكى لَكُمْ وَأَطْهَرُ (البقرة/ ٢٣٢) يريد: أطهر لقلب الرّجل والمرأة من الرّيبة، وفي الأحزاب ذلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ (الأحزاب/ ٥٣) أي من الرّيبة والدّنس.

(٥) ومنها: الطّهارة من الفاحشة، ومنه قوله تعالى في آل عمران يا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاكِ وَطَهَّرَكِ (آل عمران/ ٤٢) «٣» .

[أنواع الطهارة:]

قال شيخ الإسلام ابن تيميّة- رحمه الله تعالى-:

الطّهارة أنواع:

(١) منها الطّهارة من الكفر والفسوق، كما يراد بالنّجاسة ضدّ ذلك كقوله تعالى إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ (التوبة/ ٢٨) .

(٢) ومنها: الطّهارة من الحدث وضدّ هذه نجاسة الحدث.

(٣) ومنها: الطّهارة من الأعيان الخبيثة الّتي هي نجسة «٤» .

قال ابن القيّم- رحمه الله تعالى-: المراد من قوله تعالى وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ (المدثر/ ٤) الآية تعمّ كلّ ما ذكره ابن تيميّة سابقا، إن كان طهارة القلب، فطهارة الثّوب، وطيب مكسبه تكميل لذلك، فإنّ خبث الملبس يكسب القلب هيئة خبيثة، كما أنّ خبث المطعم يكسبه ذلك، ولذلك حرّم ما حرّم من اللّباس، لما تكسب القلب من الهيئة المشابهة لتلك الحيوانات الّتي تلبس جلودها، فإنّ الملابسة الظّاهرة تسري إلى الباطن. والمقصود أنّ طهارة الثّوب وكونه من مكسب طيّب وهو من تمام طهارة القلب وكمالها، فإن كان المأمور به ذلك فهو وسيلة مقصودة لغيرها. فالمقصود لنفسه أولى أن يكون مأمورا به، وإن كان المأمور به طهارة القلب وتزكية النّفس، فلا يتمّ إلّا بذلك. والله


(١) التوقيف على مهمات التعاريف لابن المناوي (٢٢٨) وقد نقل تعريفا آخر لا يخرج عن التعريف الأول للإمام النووي.
(٢) التعريفات (١٤٦) .
(٣) نزهة الأعين النواظر في علم الوجوه والنظائر (٤١٩- ٤٢٢) باختصار.
(٤) مجموع الفتاوى (٢١/ ٦٧، ٦٨) .