للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النبي صلّى الله عليه وسلّم أنزل الله تعالى فيهم وفي قولنا وقولهم لأنفسهم «١» : قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ* وَأَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ* وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ «٢» .

قال عمر: «فكتبتها بيدي في صحيفة وبعثت بها إلى هشام بن العاص» . ويظهر أن هشاما قد وجد صعوبة في فهمها إلى أن ألقى الله في قلبه أنها نزلت في أمثاله فلحق برسول الله صلّى الله عليه وسلّم في المدينة» «٣» . وقد ثبت أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم كان يدعو في قنوته أن ينجي الله الوليد بن الوليد وسلمة بن هشام وعياش بن أبي ربيعة «٤» .

نزل أغلب المهاجرين في بني عمرو بن عوف بقباء في موضع يدعى «العصبة» قبل مقدم المصطفى عليه الصلاة والسلام، وكانوا يجتمعون للصلاة في مسجد قباء، يؤمهم سالم بن معقل مولى أبي حذيفة- رضي الله عنهما- لكونه أكثر المهاجرين قرآنا «٥» ..

هجرة النبي صلّى الله عليه وسلّم إلى يثرب:

إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ «٦» .

تآمرت قريش على حياة الرسول صلّى الله عليه وسلّم بعد أن علم المشركون بما تم بين الرسول صلّى الله عليه وسلّم والأنصار في العقبة الثانية، ورأوا المسلمين يهاجرون إلى يثرب جماعات وأفرادا. وقد أرّخ الزهري لهجرة المصطفى صلّى الله عليه وسلّم فقال: «مكث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعد الحج بقية ذي الحجة، والمحرم وصفر، ثم إن المشركين اجتمعوا» «٧» - يعني على قتله- وقد تواترت الأخبار بأن خروج النبي صلّى الله عليه وسلّم من مكة كان يوم الاثنين «٨» ودخوله المدينة كان يوم الاثنين.

عقد زعماء قريش إجتماعا خطيرا في دار الندوة حيث تشاوروا في أضمن الوسائل للتخلص من الرسول صلّى الله عليه وسلّم «٩» ، وقد لخّص القرآن الكريم الآراء التي طرحوها في ذلك الاجتماع في قوله تعالى: وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ


(١) ابن هشام- السيرة ٢/ ١٢٩- ١٣١.
(٢) القرآن الكريم- سورة الزمر، الآيات/ ٥٣- ٥٥.
(٣) الحاكم المستدرك ٢/ ٤٣٥، ابن هشام- السيرة ٢/ ١٣١- ١٣٢. أما ما روى من إعلان عمر لهجرته على قريش عند البيت العتيق وتهديده لمن تحدثه نفسه أن يلحق به بثكل أمه وترميل زوجته ويتم أولاده فلم يصح، حيث ورد الخبر بإسناد فيه مجاهيل ثلاثة، انظر: ابن الأثير- أسد الغابة ٤/ ٥٢، وانظر الألباني- دفاع عن الحديث والسيرة ص/ ١٤٣.
(٤) البخاري- الصحيح (فتح الباري- الحديث ٤٥٦٠) ، أورد البخاري حديثا آخر بزيادة «.. اللهم أنج المستضعفين من المؤمنين» . المرجع السابق (حديث/ ٢٩٣٢) .
(٥) البخاري- الصحيح (فتح الباري ٢/ ١٨٤، ١٣/ ١٦٧) .
(٦) القرآن الكريم- سورة التوبة، الآية/ ٤٠.
(٧) ابن حجر- فتح الباري ٧/ ٢٣٦.
(٨) البخاري- الصحيح (فتح الباري ٧/ ٢٣٦) .
(٩) ابن حجر- فتح ٧/ ٢٣٦.