للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال: ارجع إليها، فانظر إليها وإلى ما أعددت لأهلها فيها، قال: فرجع إليها فإذا هي قد حفّت بالمكاره، فرجع إليه، فقال: وعزّتك لقد خفت أن لا يدخلها أحد. قال: اذهب إلى النّار فانظر إليها وإلى ما أعددت لأهلها فيها. فإذا هي يركب بعضها بعضا، فرجع إليه، فقال: وعزّتك لا يسمع بها أحد فيدخلها، فأمر بها فحفّت بالشّهوات، فقال: ارجع إليها، فرجع إليها، فقال وعزّتك لقد خشيت أن لا ينجو منها أحد إلّا دخلها» ) * «١» .

١٣-* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما- أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان يقول: «اللهمّ لك أسلمت.

وبك آمنت، وعليك توّكلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت. اللهمّ إنّي أعوذ بعزّتك، لا إله إلّا أنت، أن تضلّني، أنت الحيّ الّذي لا يموت، والجنّ والإنس يموتون» ) * «٢» .

١٤-* (عن أبي ريحانة- رضي الله عنه- أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «من انتسب إلى تسعة آباء كفّار، يريد بهم عزّا وفخرا؛ فهو عاشرهم في النّار» ) * «٣» .

١٥-* (عن عائشة- رضي الله عنها- أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «أهجوا قريشا. فإنّه أشدّ عليها من رشق بالنّبل» «٤» فأرسل إلى ابن رواحة فقال:

«اهجهم» . فهجاهم فلم يرض. فأرسل إلى كعب بن مالك. ثمّ أرسل إلى حسّان بن ثابت. فلمّا دخل عليه، قال حسّان: قد آن لكم «٥» أن ترسلوا إلى هذا الأسد الضّارب بذنبه «٦» . ثمّ أدلع لسانه «٧» فجعل يحرّكه.

فقال: والّذي بعثك بالحقّ لأفرينّهم بلساني فري الأديم «٨» . فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لا تعجل. فإنّ أبا بكر أعلم قريش بأنسابها. وإنّ لي فيهم نسبا. حتّى يلخّص لك نسبي» . فأتاه حسّان. ثمّ رجع فقال: يا رسول الله! قد لخّص لي نسبك. والّذي بعثك بالحقّ لأسلّنّك منهم كما تسلّ الشّعرة من العجين. قالت عائشة: فسمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول لحسّان: «إنّ روح القدس لا يزال يؤيّدك، ما نافحت عن الله ورسوله» . وقالت: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول:

«هجاهم حسّان فشفى واشتفى» «٩» .

قال حسّان:


(١) صحيح سنن الترمذي (٢٠٧٥) واللفظ له وقال: حديث حسن صحيح، وقال محقق «جامع الأصول» (١٠/ ٥٢١) : وهو كما قال. وأبو داود (٤٧٤٤) . والنسائي (٣١٧) .
(٢) البخاري- الفتح ١٣ (٧٣٨٣) . ومسلم (٢٧١٧) واللفظ له.
(٣) المسند (١٧٧٨) ، وفي مجمع الزوائد (٨/ ٨٥) «يريد بهم عزّا وكرامة» وقال الهيثمي: رواه أحمد والطبراني في الكبير والأوسط، وأبو يعلى، قال: ورجال أحمد ثقات، وقال الشيخ أحمد شاكر (في عمدة التفسير ٤/ ١٦) : ورواه أيضا البخاري في التاريخ الكبير (م ١ ج ٢ ص ٣٥٣) .
(٤) رشق بالنبل: بفتح الراء، هو الرمي بها. وأما الرشق، بالكسر، فهو اسم للنبل التي ترمى دفعة واحدة.
(٥) لقد آن لكم: أي حان لكم.
(٦) الضارب بذنبه: قال العلماء: المراد بذنبه، هنا، لسانه. فشبه نفسه بالأسد في انتقامه وبطشه اذا اغتاظ وحينئذ يضرب بذنبه جنبيه. كما فعل حسان بلسانه حين أدلعه، فجعل يحركه. فشبه نفسه بالأسد. ولسانه بذنبه.
(٧) أدلع لسانه: أي أخرجه عن الشفتين. يقال: دلع لسانه وأدلعه. ودلع اللسان بنفسه.
(٨) لأفرينهم بلساني فري الأديم: أي لأمزقن أعراضهم تمزيق الجلد.
(٩) فشفى واشتفى: أي شفى المؤمنين واشتفى هو بما ناله من أعراض الكفار ومزقها ونافح عن الإسلام والمسلمين.